عندما‭ ‬يرسل‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬صديقك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الصفحة،‭ ‬عندما‭ ‬يرسل‭ ‬رسالة‭ ‬ماسينجر‭ ‬فإن‭ ‬إدارة‭ ‬الأخير‭ ‬لن‭ ‬تنقلها‭ ‬إليك‭ ‬حماية‭ ‬لك‭ ‬ولمزاجك،‭ ‬أقصد‭ ‬لن‭ ‬تنقلها‭ ‬مباشرة‭ ‬بل‭ ‬تجمعها‭ ‬وترسل‭ ‬لك‭ ‬إشعارا‭ ‬كسولا‭ ‬بعنوان‭ ‬رسائل‭ ‬قد‭ ‬يهمك‭ ‬قراءتها‭ ‬أو‭ ‬بملاحظة‭ ‬عابرة‭ ‬بأن‭ ‬مستخدم‭ ‬ماسينجر‭ ‬يريد‭ ‬إرسال‭ ‬رسالة‭ ‬لك‭. ‬

وعلى‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬أقوم‭ ‬بمراجعة‭ ‬تلك‭ ‬النداءات‭ ‬بين‭ ‬فترات‭ ‬متباعدة‭ ‬فلا‭ ‬أجد‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ملفت‭ ‬أو‭ ‬مثير‭ ‬للاهتمام،‭ ‬منور‭ ‬أو‭ ‬تحية‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬محلها‭ ‬أو‭ ‬طلب‭ ‬للمال‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أسوأ‭. ‬

لكن‭ ‬رسالة‭ ‬وردتني‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬أثارت‭ ‬اهتمامي‭ ‬فالرسالة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬شاب‭ ‬بعمر‭ ‬أولادي‭ ‬وكما‭ ‬قلت‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬بصديق‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬متابعا‭ ‬فصفحتي‭ ‬مفتوحة‭ ‬مثل‭ ‬فضيحة،‭ ‬وطلب‭ ‬مني‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أبدى‭ ‬إعجابه‭ ‬بما‭ ‬أكتب‭ ‬قائلا‭ (‬أنت‭ ‬تكتب‭ ‬بحرقة‭).. ‬

يقول‭ ‬الشاب‭ ‬مباشرة‭: (‬حياتي‭ ‬تصلح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬رواية‭ ‬لأني‭ ‬مصاب‭ ‬بمرض‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬قوي‭ ‬على‭ ‬وضعي‭ ‬النفسي،‭ ‬لكني‭ ‬لست‭ ‬مريضا‭ ‬نفسيا‭). ‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬المستمع‭ ‬وجدت‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ ‬الاهتمام‭ ‬لكن‭ ‬لن‭ ‬يصل‭ ‬الأمر‭ ‬لكتابة‭ ‬رواية‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭ ‬فالشاب‭ ‬قد‭ ‬توقف‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استرسل‭ ‬وأفاض‭ ‬ببوح‭ ‬أظنه‭ ‬صادقا‭ ‬بتسجيل‭ ‬مشاعره‭ ‬وبعض‭ ‬مراحل‭ ‬حياته‭ ‬لكنه‭ ‬توقف‭ ‬أخيرا‭ ‬لأن‭ ‬المرض‭ ‬اشتد‭ ‬عليه‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬رسالة‭. ‬

لم‭ ‬يتحدث‭ ‬الشاب‭ ‬عن‭ ‬مرضه،‭ ‬بل‭ ‬فضل‭ ‬إرجاء‭ ‬ذلك‭ ‬لاحقا‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬التشويق‭ ‬وقد‭ ‬نجح‭ ‬حقا‭ ‬لكنه‭ ‬يلمح‭ ‬عن‭ ‬مرضه‭ ‬بالقول‭: (‬حينها‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬أن‭ ‬الثقوب‭ ‬السوداء‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬مرض‭ ‬وإن‭ ‬أمرها‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬السماء‭ ‬فقط‭)‬،‭ ‬أعجبتني‭ ‬المقاربة‭ ‬حتى‭ ‬قلت‭ ‬لنفسي‭ ‬لعلك‭ ‬يا‭ ‬هذا‭ ‬مصاب‭ ‬بنفس‭ ‬الثقوب‭ ‬السوداء‭ ‬هذه‭. ‬

أكمل‭ ‬الشاب‭ ‬الجامعة‭ ‬من‭ ‬قسم‭(…) ‬لكنه‭ ‬كابد‭ ‬معاناة‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭: (‬تركت‭ ‬السادس‭ ‬الإعدادي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أخبرني‭ ‬الطبيب‭ ‬بتفاصيل‭ ‬مرضي‭) ‬وبسبب‭ ‬فقر‭ ‬عائلته‭ ‬اضطر‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬عيادة‭ ‬طبيب‭ ‬وفي‭ ‬مكتبة‭ ‬وقد‭ ‬كتب‭ ‬لي‭ ‬عن‭ ‬تجربة‭ ‬العمل‭ ‬هذه‭. ‬

يقول‭ ‬الشاب‭ ‬أن‭ ‬للإنسان‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ولادة‭ ‬فيطلب‭ ‬مني‭:( ‬هل‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تلدني‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬خيالك،‭ ‬تجريب‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الولادة‭ ‬فلينجبني‭ ‬خيالك‭). ‬

رسائل‭ ‬الشاب‭ ‬غير‭ ‬متسلسلة‭ ‬وحسنا‭ ‬يفعل‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬للمتابعة‭ ‬بمتعة‭ ‬وتشويق‭ ‬فهو‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬فهو‭ ‬يحب‭ ‬الغناء‭ ‬ويؤديه‭ (‬هوايتي‭ ‬الغناء‭..‬لكنه‭ ‬تأثر‭ ‬بسبب‭ ‬المرض‭). ‬

وهو‭ ‬يتأثر‭ ‬أكثر‭ ‬بالأفلام‭ ‬العربية‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬صورة‭ ‬ملفه‭ ‬المغلق‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬ثنائي‭ ‬شهير‭ ‬قديم‭ ‬لممثلين‭ ‬تحابا‭ ‬فتزوجا‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬انفصلا‭ ‬ويسهب‭ ‬بانغماره‭ ‬وتلذذه‭ ‬بمشاهد‭ ‬الزوجة‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الأفلام‭ ‬العربية‭ ‬وكم‭ ‬يتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬البطل‭ ‬وتلك‭ ‬لعمري‭ ‬مشاعر‭ ‬اعتيادية‭ ‬فيضيف‭:( ‬لكنها‭ ‬حياتي‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬أعيشها‭ ‬بهدوء‭ ‬وبساطة‭ ‬هكذا‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتظاهر،‭ ‬أريد‭ ‬حبيبة‭ ‬أحبها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬وألصق‭ ‬لها‭ ‬رسالة‭ ‬على‭ ‬البراد‭ ‬أدون‭ ‬فيها‭ ‬بخط‭ ‬يدي‭ ‬رسائل‭ ‬قبلاتي‭!! ‬من‭ ‬ثم‭ ‬القصائد‭ ‬العارية‭!!).. (‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أصرخ‭ ‬بأعلى‭ ‬صوت،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬فمك‭ ‬أنت‭ ) ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬فأنا‭ ‬بنظره‭ (‬كاتب‭ ‬غير‭ ‬عادي‭) . ‬

يعترف‭ ‬في‭ ‬الآخر‭ ‬بـ‭(‬ملاحظة‭: ‬أنا‭ ‬عندما‭ ‬أتحدث‭ ‬معك‭ ‬أكون‭ ‬قويا‭ ‬وشخصيتي‭ ‬قوية،‭ ‬أمامك‭ ‬فقط،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬داخلي‭ ‬الأمر‭ ‬مختلف‭ ‬جدا‭). ‬

أحد‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تدفعني‭ ‬لكتابة‭ ‬ما‭ ‬كتبت‭ ‬هو‭ ‬وضع‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬فرغم‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬المتعددة‭ ‬وثورة‭ ‬الاتصالات‭ ‬وتقنيات‭ ‬التقارب‭ ‬فإن‭ ‬شبابنا‭ ‬وحيدون‭ ‬ولا‭ ‬يستمع‭ ‬إليهم‭ ‬أحد‭ ‬عكس‭ ‬أيامنا‭ ‬فرغم‭ ‬قتامة‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وأحادية‭ ‬إعلام‭ ‬النظام‭ ‬القمعي‭ ‬وسطحيته‭ ‬وحزبيته‭ ‬لكنا‭ ‬طالما‭ ‬ما‭ ‬نجد‭ ‬من‭ ‬يسمعنا‭ ‬والأهم‭ ‬نستمع‭ ‬لبعضنا‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬همسا‭ ‬أو‭ ‬كتابة‭ ‬على‭ ‬أوراق‭ (‬البافرا‭) ‬وسأستمع‭ ‬لصديقي‭ ‬الشاب‭ ‬عسى‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬أزمته‭ ‬الصحية‭.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *