نجاة فتاة عراقية ،عاشت مع امها في احد الدول الاسكندنافية ، عادت الى العراق ليعينوها في احد المدارس في اطراف بغداد ،في ( الشيشان ) و ( الحواسم ) ، و( حي التنك) ، وراء السدة المتهالكة منذ عقود..كانت منذ ٥ سنوات تحضر لقاءاتنا ، و بالرغم اني كنت في تواصل معها عبر المجموعات والخاص ، الا انها كانت تعتبرني اقرب الى والدها ، فتحملني اسرارها و همومها …حاولت هذه العراقية الراقية ان تنقل تجربة راقية من بريطانيا و النرويج و فنلندا ،حيث جلبت لطلابها في السنة الاخيرة صندوق اسود مكعب فيه فتحة ، وطلبت من كل طالبة و طالب ان يكتب رسالة الى الله على ورقة فيها اسمه ، و سترسلها الى الله ..سالها احد الطلاب : هل الله يعرف يقرا و يكتب رسالتي لان خطي غير واضح . و قالت طالبة معتذرة : اخشى ان انفضح امام الله ، لاني ضعيفة في الاملاء… قالت لهم : اكتبوا لله ، انه يحبكم اكثر من اهلكم..
انفرد كل طالب و طالبة بالكتابة ، قال الطالب الاول : اعرف يا الله انك تراني ، عندما اسرق النستلة من الدكان ، اريدك يارب ان تقول للملائكة لا يسجلون سرقاتي ، لاني لا املك اي مبلغ و اهلي فقراء ، وانا احب النستلة..قال طالب ثاني : والدي يعود يوميا” من المسطر مع الظهر لانه لم يجد شغل ، و اعرف ان امي تجدي ( تتسول) في المحلات و المناطق الغنية ، واخشى ان يعرف والدي ، لانه ضربها بقوة عندما طلبت من اقاربنا ، والدي طيب ، و امي مسكينة يالله ، ارجوك تجد له عمل في المسطر .؟!
قالت طالبة اولى : ياربي ، امي تعذبت بسبب الحصول على تقاعد والدي الشهيد ، و قد باعت كل ما لدينا ، و الحكومة لا تساعدنا ، وكل العائلة بنات و ليس لي سوى اخ صغير تخاف عليه امي كثيرا” ، و كلنا نحبه ، ارجوك يالله ان لا تدعه يرحل مثل والدي … قالت طالبة ثانية : يا الله ، انت الوحيد الذي اشكيله ، لاني قبلت ان يلعب بي جارنا ،عندما اعطاني ( قراصة و مشط و دهن شعر ) ، و ارعبني و ابكاني و اخرج الدم من بين سيقاني ، و لا استطيع ان امنعه من العبث معي و هو يؤذيني ، عندما تقوم امي بتوزيع الخبز على الناس ، وهي مهنتها و وسيلتها في اعانتنا، بعد ان هجرنا والدي السكير ..قالت طالبة اخرى : يا الله، اعرف انك تعرف ما ساطلب ، فقط ساسجل لك ما نحتاجه في البيت ، من ملابس و بطانيات و مدفأءات و ثلاجة و طباخ غازي و زجاج لشبابيكنا ليدخل علينا ضوء شمسك ،بدل الكارتون الذي وضعناه .يالله ، لا نريدها جديدة ، بل مستعملة او من البالات …وهكذا بقية الطلبة ..عندما فتحت نجاة الصندوق ، و قرات طلبات طالباتها و طلبتها بكت ، و حاولت ان تجد طريقة لحل مشاكل الطلبة بالقدر المستطاع ، و اتذكر انها بقت متصلة بي الى ساعة متاخرة في الليل تقرا رسائل الطلبة المرهفي الاحساس ، ولكن لانها باللهجة الدارجة ، اعدت صياغتها باسلوبي الجاف…في اليوم الثاني ، جاءها رجل ملتحي و معه ٣ مسلحين ،تهجموا عليها لفظيا” وقالوا : ايتها الملحدة تريدين ان تعلنين النبوة و الرسالة ،و تقنعين الطلبة القاصرين ، انك توصلين رسائلهم للله ، و هل يقرأ الله رسائل الاطفال من مراة مثلك !!!!، قالت نجاة : من انتم ؟! ، قال اكبرهم : لولالنا لما بقى العراق ، و لما بقيت ؟؟؟؟!!!..
اتصلت بي و هي منهارة ، و طلبت منها ان تهدا و تسكن ، و تتصل بي لاحقا”..تفاجئت عندما قرات رسالتها ،و هي تكيل لي السباب و الشتائم مدعية اني خدعتها، بان العراق سيكون افضل و ان الغد لنا ،و انهم زائلون لا محالة، في عراق لولاهم لما كان !!!!! … المفاجئة الاكبر ، انها الغت خطها و لم تعد تراسلنا….عندما نزل ادم ، نزل جنة عدن في بلاد ما بين النهرين .وعندما انطلق نوح (ع) بسفينة النجاة للارض و البشرية و الكائنات الحية ، انطلق من العراق، عراق تصارع عليه قابيل و هابيل ، و بعث الله منه ابو الانبياء ابراهيم الخليل (ع)، و استوطنوا فيه الانبياء اليهود في السبي ، ايوب ، العزير ، دانيال ، يوشع ، ذو الكفل ، اشعيا و يونس ووووو…و فيه مقامات علي بن ابي طالب ( ع ) و الحسين سيد الشهداء(ع) ، و الامامين الجوادين (ع) ، و الامام العسكري (ع) ووو، فهل وجودهم عبثا”؟؟!!!.
في كل ذرة تراب في العراق ، تجد دماء المتصارعين من فجر التاريخ ، الاخمينيين ، الحيثيين ، الكلدانيين ، السومريين ، البابليين ، الاشوريين ، اليونانيين ، المقدونيين ، الفرس الساسانيين ، الروم البيزنطيين ، الامويين ، العباسيين ، المغول و التتر ، السلاجقة ، البويهيين ، الصفويين ، العثمانيين ، الانكليز ، الامريكان ، على مر ١٠ الاف سنة من الصراع ، العراق باق ..ب صدام حسين و البعثيين و بدونهم العراق باق ، بحكومة المحاصصة و الفساد ، و بدونهم العراق باق ..فلا كما يقول كبيرهم : لولانا لما كان العراق ..، ولا ما قاله رئيس كتلة : لولانا، لما بقى العراق ، و لا كما قال احد النواب : لولا سيدنا لما بقى العراق .. اقول : العراق باق بمشيئة الله ، و لولاكم ل سما و نهض العراق و بلغ سارية العلا والمجد ..العراق باق وانتم راحلون …
العراق باق و انتم ستحاكمون …
العراق باق لانها ارض الله عليه بدات الخليقة ، و عليه تنتهي الامور و تقوم الساعة …
لنا و للعراق الله الواحد الاحد ..
به نكون ، وبمشيئته نبقى و يبقى العراق..
أ.د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي