يرفع النخل رأسه وينظر ما حوله، فيرى النهرين وقد شحَّ الماء فيهما على نحو مخيف، ويجيل النظر فيرى ما هو متراكم من المشكلات العراقية، فيعجب من كثرتها ومن عدم تزحزحها عن أمكنتها باتجاه الحلول الرصينة، بالرغم من كل الإجراءات المعلنة وغير المعلنة المتخذة لتذليلها، ومن تلك المشكلات ما هي متكرِّرة ومنها ما هي مستجدة، وكلا النوعين يستمران في النمو العكسي باتجاه الاستفحال، وقائمة المشكلات طويلة، ويمكن هنا درج أكثرها تأثيرا على البلاد والعباد: سعر صرف الدولار الذي أصبح ذا قيمتين: قيمة رسمية ثابتة، وقيمة متذبذبة صعودا ونزولا في السوق الموازي، المخدرات وسبل منع إدخالها إلى العراق ومنع انتشارها في الداخل العراقي، الكهرباء وإنتاجها واستيرادها ونقلها وتوزيعها وتوفير مستلزمات إنتاجها من غاز ومن مواد استيرادية متعددة، الحفاظ على ثروات العراق وحدوده السيادية ومحاولات التجاوز عليها من هنا ومن هناك تحت أعذار واهية، عدم الالتفات إلى ضرورة زيادة رواتب المتقاعدين الذين يبلغ عددهم أكثر من ثلاثة ملايين متقاعد، وعدم زيادة الحد الأدنى للراتب التقاعدي، بعد أن بلغ التضخم نسبة عالية خلال الأعوام الماضية، بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار ولأسباب اقتصادية أخرى، فضلا عن مشكلة قلة الموارد المائية وتهديدات التصحر والجفاف، ونتوقف عند هذا الحد من ذكر المشكلات الأساسية التي تقتضي اتخاذ قرارات من أعلى المستويات وعلى أعلى المستويات، ومن الضروري الانتباه إلى أهمية أن تكون لدى الحكومة مراكز بحوث ودراسات حقيقية، تضم كوادرَ وعقولا تخصصية في مختلف العلوم لتقديم الدراسات الاستراتيجية لحل المشكلات الرئيسة والبحث في شؤون عرض الحلول الناجعة إليها، بالتنسيق مع الوزارات والدوائر المعنية، وعدم الاكتفاء بتشكيل اللجان الحكومية التي أثبتت التجارب السابقة والحالية عدم قدرتها على تقديم ما هو نافع، وله القدرة على التغيير الإيجابي باتجاه تصفير المشكلات وحلها حلا جذريا.