تحض أعراف الأرض وشرائع السماء على رد الحقوق وانصاف أصحابها وما القوانين التي تسن في هذا المجال وتعدل بحسب متطلبات الحياة الّا استجابة لميزان الحق والعدل الذي تحكمه تلك الاعراف وعلى قدر اتصال الموضوع بالأحوال الاقتصادية المتغيرة باضطراد تبقى مسألة تشريع القوانين المنصفة لفئة المتقاعدين بشكل عام بين الشد والجذب ولذلك دوافع وأسباب سياسية تتمثل في منهج الدولة في ارساء مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بالتعامل مع فئات الشعب واخرى اقتصادية ترتبط بقوة الاقتصاد والتخطيط السليم للنمو وخطط الاستثمار التي تنتج عنها حالة الازدهار والرفاهية وزيادة دعم الدولة لمواطنيها وبضمنهم المتقاعدون.
ومن المعروف أن تمويل رواتب المتقاعدين بموجب القانون يتم من صندوق التقاعد الذي يستمد أمواله من استقطاع نسبة من رواتب الموظفين في القطاع العام والمختلط وايداعها الصندوق الذي يديره ويشرف على أنشطته المالية والاستثمارية مدير هيأة التقاعد العامة ويجري استثمار أموال الصندوق بشراء الأراضي والعقارات وبيعها لغرض زيادة رأس المال وتنميته من أجل الايفاء بالتزاماته المالية في تمويل رواتب المتقاعدين. ومن هنا أصبح معلوماً أن هذه الرواتب لا تشكل عبئاً اضافياً على الموازنة العامة للدولة لأنها غير معنية بهذه الالتزامات على العكس من تمويل رواتب الموظفين العموميين الذي يتم ادراجه في الموازنة العامة مقارنة غير موفقة يعمد أغلب الناس الى المقارنة بين الوضع الاجتماعي والمعيشي للمتقاعد داخل البلد وبين أقرانه من المتقاعدين حول العالم وبخاصة في الدول المتقدمة، وهذه المفاضلة لا تصح لأنها بنيت على اسس ومقاييس غير حقيقية وتجافي الواقع على الأرض فالدول التي عاشت عقود طويلة من الاستقرار السياسي ترسخت فيها اسس الاقتصاد وأثمرت خطط التنمية واستقرت العملة الوطنية لها وتم بناء الانسان وارساء شخصيته الانسانية والوطنية على اسس صحيحة وكل ذلك قد أنتج واقعاً معيشياً مزدهراً وقوانين متجددة لدعم وحماية المواطن وبدل أن نخوض في مقارنات غير مجدية علينا التركيز على أهداف محددة تشكل لائحة اصلاح تعتمد الاسس التالية :
– النظرة الايجابية الى المتقاعد ككيان أعطى ما بوسعه وأدّى ما عليه دون نقصان وبذلك يستحق التقدير والاهتمام والرعاية المعنوية والمادية دون منة أو فضل وليس النظر اليه حالة عابرة مضى زمنها
– قد تكون هناك مبررات لحالة التفاوت الكبير في الاجور والمستحقات المالية للموظفين العموميين رغم سلبيتها ولكن استمرار هذه الفوارق بعد احالة الموظف على التقاعد أمر يحمل الكثير من الاجحاف فمتطلبات العيش الكريم يجب أن تقدم لكل من يحالون على التقاعد على اختلاف درجاتهم
– دراسة القوانين والتعديلات المستحدثة بشكل مستفيض وانعكاساتها السلبية على المتقاعد قبل اقرارها والتصويت عليها وبخاصة التعديل الأخير الذي حدد السن القانوني للتقاعد بعمر (60 سنة) بما عرف بالتقاعد القسري الذي أضر بفئة واسعة من المشمولين دون التفكير في تعويض النقص الذي حل بمرتباتهم وفرص العلاوات والترفيعات التي فاتتهم بتقديم موعد تقاعدهم لثلاث سنوات ويشهد الشارع العراقي تحركات سلمية بدأت كردود أفعال شعبية على التعديل الأخير (سيء الصيت) على قانون التقاعد وتظاهرات تستهدف الضغط على الحكومة ومجلس النواب لانصاف شريحة المتقاعدين التي أثقلت عاتقها أعباء المعيشة وقلة الموارد وضعف القدرة الشرائية في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات ونحن بدورنا نشد على أيديهم ونضم صوتنا لأصواتهم تضامناً مع مطالبهم واكراماً لذوي الشيبة البيضاء الذين أعطوا ما بوسعهم وينتظرون انصافهم وضمان حقوقهم المشروعة.