لا شك أن توفير التعليم الجيد والنوعي يعتبر أحد أهم أولويات الأمم والمجتمعات، وتزداد أهميته عندما يتعلق الأمر بتقديم التعليم للأجيال الصاعدة. في السنوات الأخيرة، ظهرت في العراق مجموعة من المدارس التي اعتمدت على تسمية “مدارس عالمية”، (International Schools) وقد حازت هذه المدارس على اهتمام الكثيرين وتساؤلاتهم حول جودة التعليم وتطبيقها لنظم ومناهج عالمية.
مع ذلك، يجدر بنا أن نلقي نظرة أعمق على هذه المدارس ونسلط الضوء على بعض الجوانب المهمة. رغم أنه يمكن أن تكون هناك مدارس حقيقية تلتزم بمعايير التعليم العالمية، إلا أن هناك تحفظًا وشكوكًا حول عدد من هذه المدارس التي تدعي العالمية ولكنها قد تكون مجرد واجهات لأغراض سياسية وتجارية.
من المهم أن نفهم أن تسمية “عالمي” (International) ليست مجرد عنوان، بل ينبغي أن ترتبط بمعايير تعليمية محددة ومعترف بها. إذا كانت المدارس تدعي تبني نظم ومناهج عالمية، يجب أن يكون هناك تأكيد من خلال تقييم سنوي ومستقل على مدى ملاءمة وجودة هذه النظم والمناهج لتحقيق أهداف التعليم وتطوير الطلاب.
تظهر الشكوك حينما نرى تحصيل مبالغ مالية باهظة من الأهالي للتسجيل في هذه المدارس، دون وجود إثباتات واضحة لتحسين الجودة التعليمية. وهذا يطرح تساؤلات حول الشفافية والتزام هذه المدارس بالمعايير التعليمية الدولية.
في ظل هذه الظروف، نتمنى أن تلعب رئاسة مجلس الوزراء الموقر دورًا هامًا في ضبط ومراقبة المدارس والتأكد من جودة التعليم المقدم. وأن تقوم وزارة التربية والتعليم بوضع ضوابط صارمة للمدارس التي تدعي العالمية، وتقوم بتقييم منهاجها وجودتها وكفاءة أعضاء هيئة التدريس، اضافة الى وجود كادر مهيأ لتدريب ذوي الهمم والتأكد ان هذه المدارس تتعامل بالعملة الرسمية للبلد.
من الضروري أن يتحمل المسؤولية أيضًا البرلمان والمجتمع العراقي. كما ينبغي على اولياء الامور البحث والتحقق جيدًا قبل أن يقرروا تسجيل أبنائهم في مدرسة تدعي العالمية بسبب ان لديها بناية جميلة. يجب أن يطالبوا بمعلومات واضحة حول البرامج التعليمية وأساليب التدريس ومؤهلات الأساتذة.
بالختام، يجب أن يكون هدفنا الأسمى تقديم تعليم ذو جودة عالية لأجيالنا الصاعدة. وهذا لن يتحقق من خلال مجرد تسميات واعدة، بل يتطلب جهدًا جماعيًا لضمان وجود مدارس حقيقية تسهم في تنمية وتطوير المجتمع العراقي، وتعتمد على معايير تعليمية عالمية موثوقة وشفافة.