انين النسوة لا يسمعه المسؤولون في الحكومة.. للأسف في أغلب المجتمعات العربية التي تحكمها الأعراف والتقاليد العشائرية, يُمنح الرجل فرص العيش, وتحرم المرأة من حقوقها. كنت دائما أقف بالضد ممن يقولون ان المراة مضطهده ومحرومة, وكنت أظن أن المراة حرة وتنعم بجميع حقوقها وما ينقصها الا العمل ،لكن سرعان ما تبينت الحقيقة لي وكشف الغطاء وأنا اسمع انين بعض النسوة في عدد من الدوائر الحكومية.
تسديد قسط
عندما كنتُ ذاهبا لتسديد القسط الشهري في دائرة صندوق الإسكان في البصرة الذي دائما مايكتظ بالمقترضين من النساء والرجال وغيرهم ممن يحاولون اكمال طلباتهم للحصول على قرض الاسكان لانه اخف وطأة في الارباح التي تتقاضاها المصارف الاخرى . وما من تجمع الا ومعه احاديث تغص بالاهات والالم تخترق السمع رغما عن الحاضرين وان لم تكن من المشاركين, وهذا لايعني انني خال من الاهات والالم, و لكن ما أثارني أنينا خافتا لنساء يملأ وجوههن الحياء متعثرات في تسديد اقساط قرض صندوق للإسكان يستجيرن بموظفي الصندوق ويتوسلن بصوت خافت: نحن امهاتكم وأخواتكم لانملك غير قسط واحده, والأخرآ تقول: انا مستفيدة من راتب زوجي الذي لايساوي قيمة القسط, والثانية تقول انا لا املك سوى راتب العانسات التي منحتنياه دائرة الحماية الأجتماعية, وأخرى تقول كان لي أخ يمنحني القسط وتوفي ومنح راتبه لزوجته وأطفاله وانا لا أملك سعر الدواء, كيف لي تسديد قسط الإسكان. مأساة وانين يصعب على أي انسان سماعها ، فدنوت من بعضهن وبدأت الحديث مع أحداهن وهي من المستفيدات من راتب الحماية الأجتماعية وسألتها اسئلة قد تجول في خاطر كل من يسمع أنينها .قلت لها ما أجبرك على سحب قرض ليس لديك قدرة على تسديد أقساطه .فانهمرت دموعها بغزاره وتغير لون وجهها من الحياء وتلعثمت باجابتها. ماذا أقول ألديك وقت لسماع قصتي؟ قلت لها طبعا انا انتظر دوري ولدي كثير من الوقت, قولي ياأختاه انا أسمعك.. بدأت بسرد قصتها وقالت لدي اربع أخوات واخ واحد, وكان والدي حيا يرزق لديه قطعة أرض حولها بإسمي لاحافظ عليها وأكون الراعيه لاخوتي بعد رحيله .فقررنا انا وأخي ووالدي سحب قرض من صندوق الإسكان والحمدلله استلمنا القرض على شكل دفعات وبنينا بيت بسيط جدا في قطعة والدي التي حولها بإسمي وتحولنا فيها انا ووالدي وأخواني الأربعة. وانا لن اعير أهمية لقسط الإسكان لان ولداي وأخي هما من يتناوبان على تسديد القسط. كبرت اخواتي وتزوجن واحده بعد الأخرى, وتزوج اخي وصار لديه أطفال وانا كنت المضحية من أجل سعادتهم واتخذت دور الأم لهم جميعا .لكن سرعان ما تغير الحال, حيث رحل والدي الى جوار ربه, وأخي الذي كان سندي أُصيب بمرض عضال اقعده في الدار واخواتي الأربع طالبنني بحصصهن لسوء احوالهن المعيشية, فأجبرت على بيع نصف من البيت لتسليم حصص اخواتي وتعهدن لي بمساعدتي في تسديد الأقساط الشهرية لقرض الإسكان, وسرعان ما تنصلن من عهودهم وانا لا أملك سو راتب الرعاية الاجتماعية وراتب أخي التقاعدي الذي لايغطي نفقات علاجة وأطفاله .انا اليوم أقف حائرة امام موظفي صندوق الإسكان لأني متعثرة عن تسديد الأقساط لما يقارب خمسة أشهر ولا املك سوى قسط شهر وأحد. فقلت لها دعيني اطلب لك المساعده من الخيرين الموجودين في القاعة .رفضت وقالت لا أسمح بهذا, وتركتني وذهبت لا أعرف الى أين.
مأساة النساء
هذه واحده من مأساة النساء, أما ان اردت ان تسمع عن مأساتهن في دائرة التقاعد والضريبة وغيرها ترى العجب العجاب وليس بمقدور احد ان يسمعها الا من كان قلبه حجارة أو اشد قسوه .لذلك أناشد كل مسؤول في الدولة العراقية ان يضع كبار السن من النساء والرجال نصب عينيه ويعمل على تسهيل أمورهم ورفع الروتين الذي يذل العراقيين جميعا, والنساء خاصة, اذ زادها النظام الاكتروني تعقيدا في دوائر الدولة .
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.