صدرت مذكرات القاء قبض عراقية موجهة الى الانتربول من اجل جلب متهمين بالسرقات من المسؤولين الكبار في الحكومة السابقة، ولا يوجد تعليق بعد ذلك عن طبيعة التعامل مع الانتربول، وهل قام العراق بتوفير معلومات موثقة عن المتهمين ام كان أمراً متروكاً للشرطة الدولية؟ وكم سيستغرق من زمن جلب المتهم والتحقيق معه؟ وهل سيستجيب الانتربول واثقاً بالبلاغات العراقية بوصفها خالصة لله والشعب وليس فيها شبهة التصفيات السياسية؟ وهل للعراق اتفاقيات تبادل متهمين ومدانين مع دول العالم التي من المرجح ان يكون هؤلاء لجأوا اليها من خلال قوتهم المالية؟
أسئلة تكاد لا تعني شيئاً، عندما نعلم انّ المتهم الأول بما سمّوه سرقة القرن” كان بين أيدي السلطات وأفرجوا عنه بطيب خاطر لقاء إعادة الأموال التي في حيازته، والرجل كنز معلومات يمكن من خلاله معرفة في جيب مَن كل دولار مسروق نزل.
والسؤال الذي أجده على أفواه العراقيين، كلما فتحوا الحديث عن أموال البلاد المسروقة، هو، هل انّ الحكومة تحاسب وتلاحق وتتبع الأموال المنهوبة في زمن اخر حكومة كانت قبلها، وتغض النظر عن سرقات تبلغ اضعافها عشرات المرات ارتكبت تحت ظلال ما يسمى بالحكومات السابقة، وهي مجرد مستنقع للتماسيح التي ابتلعت الجزء الأهم من ثروات جيل كامل من العراقيين، ولا يزال ما قاموا به منسياً، في بنوك عالمية وفي مظاهر ترف شخصية في عواصم عربية وأوربية؟
لم يعد الكلام عن الفساد المالي المروّع يُفرح أو يُحزن أحداً، فالأمر سيان، لنفرح بأنهم اكتشفوا ثلاثة مليارات دولار منهوبة من المؤسسات الفلانية، ثم لنحزن لأنّ اللصوص أحرار وطلقاء وربما كانوا متنفذين في المصائر حتى اللحظة.
لعل افضل سبيل لمحاربة الفساد، مادامت إمكانات البد تحجّمها التوافقات والمجاملات، هو ترك هذا الملف، كما هو متروك أصلاً الان بالرغم من فتحه، لأنّ اللصوص الكبار خارج الإدانة وانّ وكلاءهم الصغار فقط في الواجهة، وهؤلاء أجراء ليس إلا، ومن هنا سيظلون يضحكون على انفسهم وعلينا ،حتى تنتهي الفترة المقررة لهم دستوريا في المناصب. ويأتي بعدهم مَن يرث اللعبة ذاتها