ابتداءا لابد من التاكيد ان غسيل الاموال او تبييضها هي عملية اضفاء الصفة المشروعه على اموال ذات مصادر غير مشروعة. ويتم استخدام هذه الاموال القذرة في الانشطة قصيرة المدى التي تسسب تضخم في قيمة العملة الوطنية سرعان مايتم اخراجها وتهريبها بعد بيع تلك العقارات ناهيك عن الارتفاع الكبير في اسعارها وبشكل يفوق قيمتها الحقيقية.
وشهدت اسعار العقارات في العراق وخصوصا في بغداد ارتفاعا كبيرا جدا قياسا الى قيمتها الحقيقيه وقياسا الى اسعار العقارات في اغلى دول العالم.
والسبب هو توجه اغلب اصحاب الاموال والكتل النقدية ذات المصادر غير المشروعة سواء متاتيه عن جرائم فساد او متحصله من احدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات العراقي رقم 111لعام 1969 نحو الطريق الاسهل في استثمار تلك الاموال في مجال تجارة العقارات داخليا بعد تضييق الخناق على التحويلات المالية.
وباعتبار ان جريمة غسيل الاموال من جرائم الفساد العابرة للحدود ويكون ضررها عابرا للحدود الوطنيه فقد اتجهت الارادة الدولية الى تجريمها بموجب اتفاقيات دولية ملزمة لاطرافها ومنها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 و اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجرائم العبر وطنية لعام 2000 والمصادق عليها من قبل العراق وعلى ضوء ذلك تم تشريع قانون مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب رقم 39 لعام 2015 والذي تضمن مواد اجرائية وعقابية لمكافحة غسيل الاموال وعقوبات جنائية تصل الى السجن الموبد او الموقت كما ورد في احكام المادة 36 منه.
تجارة العقارات
وماينبغي اتخاذه اليوم من قبل الدولة هو تفعيل احكام واجراءات مكافحة غسيل الاموال وتطبيقها حرفيا وبصرامه على تجارة العقارات والتشديد على استخدامها لغرض التاكد من مشروعية مصادر الاموال الضخمة المستخدمة في تجارة العقارات كخطوة مهمة للسيطرة على ارتفاع الاسعار من جهة ومعاقبة مرتكبي جريمة غسيل الاموال وتجفيف منابع الفساد كاجراء ردعي واجب اتخاذه من جهة اخرى تنفيذا للالتزامات الدولية
ويكون تطبيق هذه الاجراءات على عمليات تجارة العقارات واخضاعها للقانون وفي اطار الشفافية والمصداقية والابلاغ عن حالات الشراء الضخمة للعقارات وتكون عمليات البيع مشروطة بموافقة مكتب غسيل الاموال المشكل في البنك المركزي العراقي بموجب احكام قانون مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب. ويكون معيار القيمة وعدم وجود حالة بيع عقار يعقبها شراء عقارات اخرى. لتتضح الصورة عن مصدر الاموال الكبيرة المستخدمه في تجارة العقارات وهذا يجب ان يشمل كافة اصناف الاراضي سواء كانت ملك صرف او حقوق منفعه
وهنا يمكن ان تزيد ايرادات الخزينه من ضرائب ورسوم من جهه وتتبع الاموال غير المشروعه من جهة اخرى وتحقيق الامن المالي والاقتصادي ايضا.
وهذا يتطلب توحيد الجهود الحكومية والرقابية واتخاذ قرارات حكوميه صارمة لاعادة التوازن في اسعار العقارات بعد منع مسبباتها ولعل اولها جريمة غسيل الاموال. والامل معقود على توجه حقيقي وملموس اتخذته الحكومه وهيئة النزاهه على شكل اجراءات صادقه لمكافحة الفساد رغم التركة الثقيلة لسنوات عجاف كان المال العام هدفا سهلا للفاسدين.
{ خبير قانوني