تظهر الكثير من الدراسات العلمية في سلوك عالم الحيوان الى وجود تشابه كبير بين سلوك الغربان الاجتماعي وسلوك الانسان واثبتت وجود ما يسمى ب(محاكم الغربان) وفيها تحاكم الغربان اي فرد يخرج على نظامها حسب القوانين الفطرية لها، ولكل جريمة عقوبتها الخاصة بها. فجريمة اغتصاب العش، أو هدمه: تكتفي محكمة الغربان بإلزام المعتدي ببناء عش جديد لصاحب العش المعتدى عليه.
وجريمة الاعتداء على أنثى غراب أخر: تقضي محكمة الغربان بقتل المعتدي ضربا بمناقيرها حتى الموت..!، وحينئذ يحمله أحد الغربان بمنقاره ليحفر له قبرًا على قدر جسده، ويضع فيه الغراب القتيل ثم يهيل عليه التراب احترامًا لحرمة الموت. ومن هذه العملية تعلم الانسان كيف يدفن موتاه كما جاء في النص القراني في سورة المائدة.
بسم الله الرحمن الرحيم فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِن الْخَاسِرِينَ(30) فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِين (31).
تعيش الغربان حياة منظمة على صعيد العدالة القائمة بين الغراب وبني جنسه.
غير ان العرب يتشائمون كثيرا من رؤية الغراب ويعتبرونه نذير شؤم ، فهو دائما ما ياتي عندهم محذرا بوقوع خطر محدق ، او محذرا بغزو ، او بموت
او بخسارة اقتصادية من فقدان قوافل التجارة او المحاصيل حتى اصبحت عبارة ( نعيب الغربان ) مؤشرا ﻻنتظار خسارة او توقع انهيار اقتصادي .
وفي قصة اخرى
لمصطلح (الفيل الأبيض)
تقيم طبقة الاغنياء في الهند ، احتفالا لرجل من عامة الناس اذا صعد الى طبقتهم ويدعوه الى هذا الاحتفال ويقوموا باهدائه فيلاً أبيضا. ولان الفيل اﻻبيض يعتبر مقدساً عندهم يتوجب على الذي أخذه اطعامه واكساؤه الحلي ورعايته ، و بذلك يستنفد هذا الاهتمام ذو الكلف العالية ثروة الرجل الثري و يتسبب في رجوعه الى الفقر والى طبقته الاجتماعية السابقة التي كان منها، وبذلك يتخلص الاغنياء منه .
يدل مصطلح
( الفيل الأبيض ) على الانفاق الذي لامردود له سوى المزيد من الخسائر ودون تحقيق اي ارباح تذكر .
وينطبق هذا على نفقات الحكومة العراقية من الرواتب والأجور و اﻻمتيازات الخاصة متمثلة ب( رواتب الرئاسات الثلاث و الدرجات الخاصة) حيث تجاوز مجموع الرواتب والاجور ما مقداره 5.7 تريليون دينار شهريا. و كانت تستهلك ايرادات العراق من النفط كلها ( بعد خصم حصة الشركات والتكاليف الأخرى ) مما جعل الحكومة فقيرة وعاجزة عن اقامة المشاريع وتقديم اية خدمات مع ازدياد البطالة. اما اﻻن وبعد جائحة كورونا و هبوط اسعار النفط فان الواردات النفطية ﻻ تسد سوى ربع النفقات التشغيلية لتلك الرواتب و التي ستكون بمثابة الفيل الابيض في العراق.
فلو اننا انفقنا نصف ما يُنفق على تلك الرواتب والأجور سنويا على مشاريع استثمارية وعلى دعم القطاع الخاص و دعم الشباب العاطل لاصبح العراق من الدول المتقدمة ونكون قد حققنا نموا اقتصاديا كبيرا.
ان( نعيب الغربان ) التي تحيط بمداخيلنا و تشكل قلق العوائل العراقية جميعها في انتظار بيئة اقتصادية ناشطة توفر ابسط مقومات الحياة الا ان نفقات ( الفيل الأبيض ) ستجعلنا دائما في فوبيا اﻻقتراض و القيام باستقطاعات من مدخولات العوائل محدودة الدخل .
اللهم ارزقنا بخيرك يارزاق. واحفظنا و اهلنا و العراق ..
البروفسور د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي