تتزاحم الشؤون الداخلية في البلدان وبعضها يتصدر المشهد الاجتماعي ويأخذ حيزاً كبيراً ويصبح حديث الساعة وفقاً لأهميته ومقدار الانتفاع او الخسارة المجتمعية من حدوثه.

لذلك نجد بعض القنوات الفضائية والاذاعات وأصحاب الاختصاص يتحدثون كلاً حسب رؤيته للموضوع ومقدار ثقافته العلمية او الاقتصادية والفكرية والاجتماعية وحتى الجنائية وهو امر طبيعي في حال وجود حلول عملية قد يُستفاد منها.

ولكن هناك شؤون خاصة مثل الشؤون السياسية والقضايا التي تخص أمن الدولة والتي تكون من الاختصاصات الحصرية للدولة وفقاً لخططها الحكومية وطرق وأدوات تنفيذها، وبطبيعة الحال فأن بعض هذه المواضيع تكون سرية لايجوز البوح بها ويُمنع الحديث بمضمونها لخصوصيتها وبخلاف ذلك قد يضر بالصالح العام الذي ترسم سياسته الدولة وتحققه بواسطة ادواتها الحكومية.

والمشكلة اليوم اننا نواجه ازمة حقيقية في اختيار مفردات الحديث في الفضائيات سواءً على مستوى الاستضافة في البرامج التلفزيونية او عبر اللقاءات العفوية مع المواطنين او حتى بعض رجال الدين والكسبة وغيرهم.

وهنا يكمن جوهر المشكلة حيثُ ان العُرف الاجتماعي جعل لرب الاسرة وهو (ولي الامر) حق التصرف في رسم السياسة المستقبلية لأسرته وكذا يسري الموضوع الى شيخ العشيرة والمدير او الرئيس في العمل وصولاً الى رئيس الحكومة كونهم الأقرب والاعرف بتفاصيل المواضيع وما يدور حولهم، الا ان التدخلات الجانبية ومعها بعض الإضافات التي من شأنها تعكر الاستقرار المجتمعي وتُثير الرأي العام دون التأكد من الحقيقة فأنها حتماً ستؤثر بشكل مباشر على الوضع العام وتُزيد من الأصوات النشاز التي تصطاد في الماء العكر.

شوشرة اعلامية

لذلك اصبحنا وللأسف امام تحديات كبيرة ومنها العشوائية الفكرية في تحليل الاحداث الآنية والتي معها تُنتج شوشره إعلامية مزعجة ومؤلمة لاسيما وان هناك طبقات في المجتمع بسيطة جداً تُصدق كل ما يُقال.

وهناك البعض من يُتاجر بالاحداث من اجل منافع مادية ومعنوية واجتماعية غايتهم الأساسية هي الظهور المتكرر وبلسان سليط حتى يكون له صدى اعلامي ويُطلب حضوره على عدد الساعات الإخبارية المتتالية ليكون بطل الشاشة ووحش المواقف واختلاق الازمات.

اذاً صار من اللازم وضع ضوابط معينه يجب على الجميع التقيد بها مع رصد مثل هذه الحالات ومحاسبة كل من يخالف السياقات لان غض النظر عنهم قد يؤدي الى التمادي في اختراع احداث ومواقف لها اثر سلبي على الواقع الاجتماعي.

جميل ان يُركز أصحاب المصالح بمصالحهم وان يكونوا محايدين وان يسيروا وفق النهج المرسوم لهم وكل ذي حق سيأخذ حقه والا فلا يمكن ان تسير الأمور بأنسيابية مع وجود هذا الكم الهائل من مروجي الشائعات والذي يمكن ان نعتبرهم أعداء الفكر والنجاح والاستقرار بتصرفاتهم وافعالهم وطول السنتهم فهم (أعداء الداخل) وهدامي البناء المجتمعي السليم. ولكن العراق اكبر من ذلك والشعب اذكى من شائعاتهم والاستقرار الأمني والفكري والمجتمعي خط احمر في ظل بناء مرصوص ومتكامل وسليم وفق اُسس صحيحة لبناء علاقات طيبة مع المحيط الإقليمي والدولي واصبح العراق محوراً اساسياً في المنطقة، العراق في تقدم ولا تراجع مع ابناءه المخلصين والمضحين من اجله.

{ استاذ مساعد لواء دكتور

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *