في مطار اسطنبول الدولي كان المسافرون الى العراق في انتظار رحلة الطائر الاخضر التي كان يجب ان تنطلق الساعة الثامنة مساءاً بتوقيت بغداد الخميس الموافق 4/3/ 2022 , غصت صالة المغادرة في ذلك المطار الكبير بالمغادرين سواء كانوا الى العراق او الى دول أخرى وكانت ممتلئة عن آخرها, المغادرون بعد ما ختموا جوازات سفرهم بختم الخروج والمغادرة من تركيا , كانت العوائل بأطفالها ورضعّها وشيوخها ونساءها ينتظرون الدخول الى قاعة الانطلاق , ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفنها , وسارت الدقائق والساعات بدون أمل مرتقب , والجميع ينتظر خبراً عن سبب التأخير ولا أحد يجيب , كانت الفوضى هناك تضرب بأطنانها العوائل العراقية التي تنتظر بصيصاً من أمل العودة ,الوقت داخل قاعة “المغادرة” كان يمر بطيئا, وكأّن عقرب الساعة كان يمعن في تعذيب أولئك المغادرون ، إلى أن حان الوقت، وشعرنا حينها أننا أشبه بعائد من حرب, مما أضطر احد المسافرين بالاتصال بصديقه الذي يعمل في مطار بغداد للإستفسار عن تأخر الرحلة والتي تأخر وقتها الى الساعة العاشرة مساءاً ولا هناك حلول في الافق , وبعد الاستفسار من موظف عراقي “شفاف ” تبين ان إطار الطائرة الامامي حدثت فيه مشكلة اثناء هبوط الطائرة العائدة من العراق مما تسبب بانتظار تصليح الاطار واستمر التأمل في “الاقلاع ” بعد اصلاح الاطار الذي ما زال على حاله , عندها هبت عاصفة ترابية في بغداد وجعل من تلك العاصفة اغلاق مطار بغداد لحين انجلاء تلك العاصفة الترابية ,حفاظاً على سلامة المسافرين وهو تصرف رسمي اعتيادي ويحدث في جميع مطارات العالم للسلامة العامة , ومن خلال متابعاتنا للبورد الالكتروني لرحلة الطائرات , لوحظ ان الطائرة التركية “Trkish Airlin ” غادرات الى العراق في تمام الساعة الثالثة والنصف صباحاً وقد تبين ان العاصفة قد انتهت وفق اخبار الانواء الجوية , سمعنا ذلك الموظف العراقي “الطيب ” في مطار اسطنبول وهو لا حول له ولا قوة لان القرار ليس بيده , أخذ ينادي على المسافرين من اول القاعة لآخرها للذهاب الى احد ” كافيتريات ” المطار لتناول العشاء بعد اليأس من المغادرة وكانت وجبة العشاء تحديداً “طبق بطاطا ودجاج مقرمش وعلبة كوكا كولا ” .
وكان عمال المطعم يقومون بتوزيعه بطريقة التوزيع في معسكرات اللاجئين, بعدها عادت العوائل الى قاعة الانتظار ودب النعاس والملل عليهم دون أمل بالطيران ودون معرفة وقته , مما جعل المسافرون بحالة يأس واشمئزاز وأضطرارهم للنوم على الكراسي والمصاطب الموجودة , وقسم منهم افترش ارض القاعة بأطفاله الرضع التي تحتاج الى حليب وغذاء او “حفاظات “صحية , وجعل سترته وسادة للنوم , كانت لحظات لا تنسى ولا توصف كنا جميعا في المطار تتصاعد من صدورنا الزفرات والآهات وبعض الدمع يسيل من دموع أمهات الاطفال ونظرات حزينة لفتت الينا كل الأنظار, وصرنا نتنقل بين كراسي القاعة علنا نرمي بعضا من أثقال التعب والألم وغيرها , يرافق كل تلك المآسي ان اسعار مطار اسطنبول الدولي اسعار سياحية غالية تتجاوز قنينة الماء الصغيرة بحوالي “25” ليرة في حينها ان سعر تلك القنينة خارج المطار بـ “ليرة ” واحدة فقط وتبين ان الاسعار جميعها تقاس بعملة “اليورو ” الاوربية , وكان المفترض على سلطة الطيران المدني العراقي ان تأخذ تلك العوائل الى فندق للراحة والاستجمام والنوم لحين اكمال اجراءات الرحلة , استمر هذا الحال حتى الصباح الباكر ولم نحصل على وقت للمغادرة , مما اضطر صديقنا الاتصال مرة ثانية بموظف مطار بغداد وقد أجابنا بان طاقم الطائرة يرقد في احد الفنادق وان هناك مشكلة اخرى بـ”الفرامل ” البريك كما قالها قائد الطائرة , ويمر الوقت بالتأمل والانتظار, حتى علمنا من اللوحة الالكترونية لمغادرة الطائرات بان الطائرة العراقية ستقلع في تمام الساعة “11” صباحاً وبهذا تكون ساعات الانتظار قد بلغت الـ “15 ” ساعة حسب لوحة البيانات الموجودة في اروقة مطار اسطنبول الدولي , ودخل المغادرون الطائرة بعد الساعة الحادية عشر صباحا بدقائق معدودات ليتم اقلاع الطائرة , وقد تم تقديم الاعتذار من قبل قائد الطائرة في الاذاعة الداخلية للطائرة وشرح قصة التأخير , هل تعتقدون اننا فعلا سنفكر يوماً ما ان نحجز عن طريق “الخطوط الجوية العراقية “, لا والف لا , بل سوف نخبر اصدقاؤنا الجميع بان يقوموا بحجوزات عن طريق شركات اخرى تلتزم بأ وقاتها وتحترم مسافريها غير خطوط الطائر الاخضر العراقي , لقد شعرنا بانه تم إستغباؤنا واللعب بأعصابنا من قبلهم, وهذا غيض من فيض آلام استخفاف بعض مسؤولينا في سلطة الطيران المدني “النائمون ” نومة أهل الكهف , والذين مازالوا يحملون المسافر جملة من الروتينيات والمبالغ الباهظة الثمن التي تبدأ من “البطاقة الدولية” التي تكلف المسافر العراقي مبلغاً قدره حوالي “50” الف دينار وهي غير معترف بها بجميع مطارات العالم باستثناء مطارات العراق يرافقها فحص “كورونا ” البالغ حوالي “75” الف دينار ” ويعني تحمل المسافر العراقي مبلغاً يقدر بحوالي “150” الف دينار وهو لازال في العراق ولم يسافر , إضافة الى اجور الطيران الباهظة الثمن , ونعتقد ان تلك الاجراءات قد ازيلت من اغلب مطارات العالم , في اليوم الثاني بعد الوصول الى العراق الحبيب وانا استرجع تفاصيل رحلتي هاجمتني اسئلة كثيرة منها : هل انسى ما حصل وان اعتبر كل ذلك جزء من مشقة السفر كما فعلت سابقا وفعل آخرون ؟ أم ان لا اسكت عن حقي و ان أصرخ واكتب مشتكياً لله ؟