الكاتب محمد البدراني
توصيف المشكلة:
عندما تفكك الاتحاد السوفيتي، لم يك أمام الغرب إلا القبول بروسيا كوريث للاتحاد السوفيتي كدولة وظيفية تحتوي شوكة الاتحاد المتفكك من أسلحة مميزة ونووية، وان الانقضاض عليها يعني تسرب هذه الأسلحة بشكل يصعب عليهم السيطرة عليها، وجاء بوتن الشاب بعد يلسن العجوز بطريق مازالت غامضة لغرابتها وهذا لا يعني أن هنالك مؤامرة ما حتمية لكن هنالك احتمال لطرف داخلي أو خارجي قام بهذا التخطيط فقلم يك الجميع مقتنع بحل التفكيك كحل وحيد.
بوتن اتجه بشكل مباشر إلى تقوية محيطه واستعادة نوع من الاتحاد بلملمه أجزاء ضعيفة تحتاج الالتئام لتكون محمية وقوية، وكانت الحرب الباردة التي توقفت رسميا مستمرة تحت جليد سميك فالناظر الى توسع الناتو التدريجي يجد ان هنالك حصار حقيقي لروسيا يتقدم ببطيء من خلال انضمام دول الاتحاد السوفيتي أو حلفائه السابقين بشكل تدريجي إلى الناتو.
روسيا أحست بالضيق فليس لها منفذ بحري حقيقي إلا من جهة أوكرانيا على البحر الأسود، أما بحار الشمال فهي متجمدة لا تنفع أن تقام عليها حركة مستدامة إلا عدة أشهر من الربيع والصيف وهذا ليس كافيا، وأما دخول أوكرانيا إلى الناتو فسيضيع حتى ميزة القرم التي ضمتها روسيا في آذار 2014 باعتبارها أعطيت كهدية لتأسيس أوكرانيا، وهو امر أشار إليه بوتن في خطابه الأخير حول كون أوكرانيا أراضي روسية.
إجراءات روسية:
روسيا قفزت مبكرا من عنق الزجاجة والضيق إلى ميناء طرطوس السوري وأنشأ أيضا قاعدة برية قرب اللاذقية قاعدة حميم الجوية، ودخل قبل أيام بعد تأييد استقلال منطقتي دونيتسك ولوهانسك الشرقيتين وقد يمتد لضم كافة الأراضي شرقي نهر الدنيبر لكن هذا سيضع كييف العاصمة موضع خطر والتي يمر النهر منها، لكن غاية الروس ليست كييف ولا النهر وإنما الإبقاء على المنفذ إلى البحر الأسود ولربما يترك مساحة دون التقدم إلى كييف بعد مفاوضات ما بحيث يبقى الهدف الاستراتيجي مضمونا.
الحرب الحتمية
الحقيقة أن الحرب لن تكون صفرية حتمية إلا إذا أصر الغرب على عدم منح روسيا هذا المنفذ وهو مطلبها الحالي، فالأمر لا يقبل أن تترك روسيا مصيرها والا ستصبح كالنمر المقيد فهو وان كان قويا فلا يستطيع إلا أن يرضخ لمن قيده وقد تتحول في عصر رئيس آخر إلى أسد السيرك تبدو اكثر من قوتها الحالية لكنها تحت السيطرة، التطويق واضح وأوكرانيا الربة القاضية بعد الدول التي انضمت للناتو سنة 2004 وأكملت الإحاطة لتشكل مع الجغرافيا إحاطة السوار بالمعصم عدى القرم ، فاذا انضمت أوكرانيا وضاعت أهمية القرم فاقتصاد روسيا مقيد من العنق.
يبقى الغرب اهو أمام حرب صفرية: لحد الآن لا يبدو الغرب مجبرا على خوض معركة غير محسوبة، خصوصا أن أداته البحرية لن يكون لها فاعلية بحكم وجود قاعدة طرطوس البحرية وأسلحة كشف عنها ممكن أن تعطل البحر الأبيض المتوسط ليس للمعدات الحربية فقط وإنما أي حراك اقتصادي.
لا غالب ولا مغلوب:
وهي أن تكتفي الدول بما حصل من إنجاز وتكون أمام مواجهة التمدد نحو كييف إن أرادت انضمام أوكرانيا أو ربما كامل أوكرانيا، أو توقف انضمام هذا البلد للناتو ، بل ستمتد الحرب إلى بقية المعصم الذي سيبقى قيد الحوار في تفكيك أواصره مع الناتو جزءا بواسطة السياسة الناعمة وربما حصول انقلابات في تلك الدول مستقبلا لان الانضمام للناتو أن لم يغير الوضع الاقتصادي في تلك الدول نحو الأفضل فان هذا هو إخفاق مزمن للحداثة ومنهجها في ضعف اهتمامها بالبشر في الدول التي تتدخل في سياستها وتريد فائدة التدخل دون الاهتمام بالموارد البشرية وكان صرفها لمبالغ تؤدي لاستتباب نفوذها هو كل التكاليف المتطلبة إنصافا لتلك الدول، وربما هو إخفاق مماثل عند روسيا أيضا لكن هنالك عوامل الثقافة والتاريخ والارتداد الطبيعي عند غياب الأمل بل سوء المستقبل لان النظام الغربي لا ينقل كاملا إلى دول العالم الثالث وإنما مظاهره القشرية ومعالجات منعزلة لا تؤدي إلا إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية بالذات ، لكن للأمانة فلست بالشخص المؤهل للحكم على الوضع الاقتصادي.
الوضع الصفري العدمي:
عندما تتوقف المساومات حول مناطق النفوذ والوضع الاقتصادي ومجال الحركة لدولة كروسيا، أو مدى أهمية ما تريده الولايات المتحدة وأوربا من المعلن حول أوكرانيا فقد تكون هنالك لحظة لا شيء يهم والحرب قائمة وليحصل ما يحصل، فهي حالة عدمية تكون فيها حالة دمار الاثنين لان قبول السلام هو خسارة آنية ومستقبلية، آنية للروس، ومستقبلية بتقلص نفوذ الناتو الذي يريد التحكم بحركة التجارة والاقتصاد مستقبلا كقطب وحيد حقيقة ولا يزيد واجب روسيا عن دوره الوظيفي كمخزن للقوة النووية السوفيتية، وكقطب يثير التنافس المطلوب لاقتصاد دول الأطلسي.
الصور / عن كوكل