تروي لنا الحياة، لمن يمتلك حسن السمع والفهم، بأن هناك علاقات بشرية تدعي الصداقة لكنها لا ترتفع عن نزوات بطونها وفروجها. كما ان هناك من ينصب نفسه شيخاً، لا تجد في مشيخته غير الخداع والتضليل أو لفة العكال على رأسه والعباءة تغطي كرشه ومؤخرته!
للصداقة أصول وأحكام وأثمان، وكذلك للمشيخة.
عندما أدعي أنا الصداقة لشخص ما فإن ذلك يعني قرار واقرار بواجبات واستعداد للتضحية حينما يستوجب الأمر ذلك. انها مسؤولية وأعراف أخلاقية لا تحكمها نصوص قانونية مكتوبة.
وهكذا الشيخة فهي حكمة وشجاعة وكرم واستعداد لتحمل الأتهاب من أجل من قصدني وتعامل معي بوصفي شيخاً.
بيد أن للحياة وتغير منظوماتها الواقعية والأخلاقية تأثيراتها المباشرة في مفاهيم الصداقة والمشيخة. نفرح عندما يكون ذلك التغير في صالح المعنى الإنساني والاجتماعي البناء، ونحزن عندما يكون على العكس من ذلك.
في العراق، الذي يعيش منذ عقود من الزمن، بعيداً عن نظرية إنفصامية شخصية ابنائه العراقيين، يعيش حالات تغير كبيرة في ما يخص معنى الصداقة والمشيخة بالمعنى الذي ذهبنا الى تحديده، لا سيما منذ عام 2003 عام الاحتلال التي أعقبت سنوات الحصار والحروب وتأثيراتها العميقة.
لقد تغير كثيراً مفهوم الصداقة وأصبح يقوم على مقومات وأشكال مختلفة، تتقدمها المصلحية المادية والنفاقية الاخلاقية والاجتماعية.
أما على صعيد المشيخة والمشايخ فحدث ولا حرج عن آلاف الشيوخ من الذين وجدوا في المشيخة مكاسب سياسية واقتصادية وجاه اجتماعي.
تجلس مع هؤلاء الشيوخ فلا تلمس غير ضحالة ونفاق وانتظار كسب!
لقد أصبحت الانتخابات موسماً لرواج صداقات الثريد ودواوين شيوخ التنك.
وطالما استمر الأمر في العراق على هذا المنوال فلا أمل يرتجى ولا شمس تغطي الظلام!
انها مهمة من يهتم بالثقافة