في واحدة من الاتصالات المحيرة .. رفعت موبايلي برقم لم اتعرف عليه من قبل .. لكنه – على ما يبدو – احد زملائي او من قرائي بالكروبات المنتشرة في عالمنا العربي التي تشكل نافذة رائعة لثقافة تواصل غير مسبوقة جادت بها علينا نعمة التقنيات ولم تكن متهيئة للاجيال السابقة بهذه الدقة والسرعة ..
فقال .. رادا على تغريدة سابقة تنبئت بها عن انبثاق حضارة جديدة في الجزيرة والخليج : ( يا أستاذ عن أي حضارة تتحدث اراك – مع الاعتذار المسبق – تشطح في نبوءتك ) .. مضيفا انها أموال تكفي لعيش رغيد لكل العرب على امتداد وطننا الكبير .. وها هي تهدر خارج ضوابط الجدوى الاحترافية وقواعد اللعب النظيف .. فهل تعلم ماذا سيجني نيمار منبوذ العاصمة الفرنسية التي وقع عليها عرض الهلال السعودي من السماء لينقذهم من ورطة ( نيمار ) الذي بلغ مرحلة عمرية لا يتوقع ان يعطي اكثر مما قدم خلال سنوات خلت ..
ثم اخذ يشرح بالتفصيل : ( هل تعلم يا أستاذ ، ان نيمار سيجني من الخزينة السعودية مبلغ ( 300) مليون يورو خلال موسمين عدا الأرباح والاعلانات والمكارم والمتغيرات وذلك يعني ان راتبه سيبلغ 150 مليون دولار سنويا .. أي 12.5 مليون يورو ونصف شهريا أي ما يقارب 3.1 مليون يورو أسبوعيا اي 446 ألف دولار يوميا .. واذا قسمتها على ساعات اللعب الحقيقية خلال موسمين سترى العجب العجاب .. ) وما زال الحديث للمتصل الذي أضاف : ( الغريب ان الصرف ليس لانشاء مصنع للطائرات الحديثة او انتاج الطاقة النووية او استصلاح الاراض الصحراوية وو… حتى ما يشيب له الراس ) .
بعد ان استمعت لما جاد وجال به حتى استفرغ ما عنده .. فقلت له : ( يا اخي العزيز ان المملكة العربية السعودية تعيش خطة عشرية تحدثت عنها وسائل الاعلام المحلية منذ سنوات وهي طموحة جدا بما يتناسب مع التغيير المنتظر .. بها مصلحة الدولة العليا التي لا نعيها انا وانت .. فمنظارنا ضيق ويحسب الأرقام من زاوية جيوبنا الفارغة وطموحتنا الحالمة .. فالدولة تخطط وفقا لعقول ومعرفة وإمكانية وثقة وتمضي قدما نحو اهداف مرسومة بعناية .. قد يصعب عليك ان تتحراها كما هي في جداول التخطيط الاستراتيجي … وما نيمار وقبله كرستيان وبن زيما وربما صلاح واخرين .. الا أسلحة ناعمة في خطة بعيدة المدى .. فانا لا اقرا المشهد من زاوية تجارية ربحية او رياضية منطقية : وفقا ( 1+1 = 2 ) .. قراءتي للتاريخ وفهمي للواقع السياسي والاجتماعي علمني ان اعي بشكل اخر لا غرور ولا جنون فيه .. لكنه قراءة واستنتاج ربطت فيه زيارة سماحة البابا لجنوب العراق والنجاحات المذهلة لبطولة خليجي البصرة وتنظيم الدوحة لافضل نسخة مونديال بالتاريخ الكروي مع الخطة العشرية السعودية الطموحة الماضية نحو هدف استراتيجي ابعد مما نراه .. فتوصلت الى نتيجة مفادها .. انه مخاض برحم ناعم وان كان عسير الا انه حتما سيتمخض عن مولود حضاري جديد ).