من اجل فهم أفضل لمزاد العملة، لابد من معرفة أهدافه وآليات عمله والطرق التي يُدار بها، حتى نستطيع القول بأنها ذات اثار سلبية او إيجابية على الاقتصاد الوطني العراقي، فمزاد العملة أحد أساليب السياسة النقدية المؤثرة في استقرار الطلب الكلي المؤدي الى استقرار المستوى العام للأسعار، وخفض معدلات التضخم عبر التأثير المُباشر في نمو الكتلة النقدية والسيطرة على مستويات السيولة. ومما سبق نجد ان أبرز اهداف هذا المزاد تكمن في تدخل البنك المركزي العراقي بشكل يومي للحد من تقلبات أسعار الصرف في السوق الموازي وتوفير السيولة اللازمة من العملة الأجنبية لضبط مستوياتها من خلال تحقيق التوازن بين عرض العُملة المحلية والأجنبية، الا ان ذلك لم يتحقق للأسف على المدى الطويل كما تفعل الجارة المملكة الأردنية الهاشمية التي تتمتع باستقرار أسعار صرف الدولار مقابل الدينار الأردني منذ العام 1995 عندما اتبعت نظام الصرف الثابت مع الدولار. وبالصدفة وعند اطلاعنا على احدى الدراسات الاقتصادية المنشورة وجدنا ان ديوان الرقابة المالية الاتحادي قد ادرج ضمن ملاحظاته القيمة ان ما نسبته 18% من مبيعات مزاد العملة لعام 2012 قد مولت استيرادات القطاع الخاص، اما ما نسبته 82% من تلك المبيعات لم يحدد التقرير استخدام لها وأين ذهبت، وبالتالي لا نستغرب من اصدار البنك المركزي العراقي وثيقته المرقمة 9/2/414في 2023/7/20 والتي تم بموجبها ايقاف 14 مصرف خاص من دخول مزاد العُملة بالدولار نتيجة العقوبات التي فُرضت من الجانب الامريكي على تلك المصارف بسبب اتهام تلك المصارف بتحويل اغلب ما تحصل عليه من مزاد العملة ووضعه تحت تصرف جهات مشبوهة.
فضلاً عن بدء البنك المركزي العراقي بتطبيق بعض الاجراءات الخاصة بالمراقبة والتتبع لحوالات المصارف الخاصة بشكل عام وبأشراف الجانب الأمريكي، وتطبيقه لنظام swift الذي يسمح بانتقال سلس وسريع للأموال الشرعية وغير المشبوهة عبر الحدود، ويربط هذا النظام المالي العالمي ما يقارب 11 الف بنك ومؤسسة مالية في اكثر من 160 دولة في نظام واحد، وباستخدام هذا النظام الذي احكم القبضة نوعاً ما على الحوالات الخارجية ومراقبتها وتتبعها، مُسهماً برجوع اغلب حوالات المصارف العراقية الخاصة وعدم اعتمادها ومنها حوالات المصارف المشار اليها في الوثيقة الصادرة عن البنك المركزي العراقي المشار اليها انفاً، الامر الذي انعكس على انخفاض شراء كميات كبيرة من الدولار .
لكل هذه الاسباب وغيرها، وانعكاساً على اجراءات البنك المركزي العراقي الأخيرة، لازالت تلعب المصارف المُعاقبة دوراً بارزاً في ارتفاع اسعار الصرف في السوق الموازي من خلال شركات الصرافة المنزوية تحت مضلتها نتيجة الطلب المتزايد من قبلها على الشراء منه وبأموال عراقية مصدرها غير معروفة، كما ان ايقاف منح الاعتمادات الخارجية الممنوحة لتلك المصارف بدءً من الاسبوع المنصرم لشهر تموز 2023 يدل على ان هذه المصارف كانت تستحوذ على ما نسبته 80%من مبيعات المركزي العراقي.
وإنَّ غداً لناظِرِه لَقريبٌ.