لحظات القلق والترقب تحاصر أصحاب الرواتب المتوقفة لأكثر من شهرين في إقليم كردستان، وتلك ازمة معيشية جدية يواجهها أبناء الإقليم من محدودي الدخل والمعتمدين على الرواتب الوظيفية كذلك ينسحب الأمر على الكسبة وأصحاب المهن وغيرهم…، الحال هذه بالتأكيد ستهدد الاستقرار الأمني، والسياسي في الإقليم، إذ بات الأمر بحاجة إلى معالجة سريعة، فليس من المعقول الانتظار من دون حراك يتناسب مع خطورة الحدث واهميته.

الذهول والخوف من الآتي هي الحالة المعبرة بصدق عن مشاعر الناس وقلقهم من تداعيات المشهد الاجتماعي، وربما هناك من المتطيرين الذين يتوقعون الأسوأ. والحال هذه دفعت بعضهم للتذكير بأن يتحمل رئيس الإقليم (نيجيرفان بارزاني) مسؤوليته التاريخية بالتصدي لهذا المشهد المعقد الذي يشكل حالة صعبة من العسر، ويمس الناس بأرزاقهم، وبحسب صلاحياته، كونه هو المسؤول بالدفاع عن مصالح الإقليم الدستورية… هذا من جانب، ومن جانب آخر يطالب بعضهم رئيس الاقليم بوصفه شخصية لها المقبولية عند الفرقاء السياسيين سواءً في الحكومة المركزية أو بالسليمانية، وهي حقيقة يعرفها الجميع سواء في الإقليم أو بغداد أو الدول الخارجية، في ان (نيجيرفان بارزاني) له إمكانات جذب للآخرين حين تعامله معهم سياسياً عبر لغة حوار هادئة. وهو المرشح لإنقاذ الناس من هذا الموقف المحرج كما يعتقد كثيرون، لما يتمتع به من إمكانية على توظيف القوة الناعمة في محادثاته مع الآخر المختلف. فقد اثبتت التجارب السابقة انه كان البارع في تحديد مناطق المصالح المشتركة، والعمل ضمن نطاق هذه المساحة حيث الالتقاء عند نقطة ما يريده ويريدونه. هذا هو ما معروف عن مباحثاته السابقة في بغداد وهذا ما تؤكده الشواهد التاريخية لإدارته للكثير من الأزمات، وكان قد حقق نتائج مقبولة ومقنعة بهذا الشأن.

رئيس الاقليم قالها بصراحة في تصريح للإعلام الأربعاء في ان رواتب موظفي إقليم كردستان ليست موضوعا يحتمل الجدال فهو حق لشعب إقليم كردستان بصفتهم جزء من المواطنين العراقيين . ودعا الحكومة الاتحادية لحل مشكلة الرواتب في أقرب وقت. ونحن على الخط لهذا الغرض. ما يتوهمه بعض الناس في ان رئيس الإقليم غير مكترث لمعاناة شعبه أو انه يتعامل بلا مبالاة إزاء قضية جوهرية هو قصر نظر او النظر الى جانب واحد من صورة متداخلة، ولا ننسى ان نيجيرفان بارزاني هو القائل “أنا على استعداد بالذهاب إلى بغداد كل يوم إذا تطلب الأمر خدمة لشعبي” لكن ثمة أمورا سياسية ربما تحول دون تحركه الحر دائما، فلا ننسى أنه مرتبط بكتلة سياسية وهذه الكتلة هي من تدير هذا الملف مع بغداد لحلحلة هذا الجمود أو الانسداد لهذه الأزمة، ولا أدل على ذلك بشأن إدارة هذا الملف، تحرك الحكومة عبر لقائهم بالسفيرة الأمريكية لدى العراق ألينا رومانوسكي. “تمحورت المباحثات بحسب بيان حكومي، بشأن الحقوق الدستورية والمالية لإقليم كوردستان في قانون الموازنة العامة الاتحادية، إذ أعربت الحكومة عن أسفها إزاء وجود أطراف تسعى إلى التعامل مع الإقليم بشكل غير عادل وخارج نطاق أحكام قانون الموازنة، على الرغم من أن الوفد التفاوضي للإقليم قدم للجهات المعنية في الحكومة الاتحادية بيانات ومعلومات دقيقة مستندة إلى وثائق قانونية ودستورية” من هذا يستشف أن هناك حراكاً جدياً لمعالجة هذه الأزمة عبر اشراك أطراف دولية، لضغط على بغداد، لإيجاد حل لهذه المعضلة. ما يعني أن أي تحرك من نيجيرفان بارزاني مرتبط بتكليف من قبل كتلة سياسية، فالمسألة تنظيمية و ليست فزعة عشائرية، اذ هناك إجراءات مرتبة ومنسقة، ربما هذا ما يفسر في أقل تقدير تعاطي رئيس الاقليم مع المشهد في هذا الملف الساخن، والمؤذي لذوي الدخل المحدود.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *