هذا‭ ‬هو‭ ‬الوهم‭ ‬الذي‭ ‬رسمه‭ ‬لي‭ ( ‬أبقراط‭ ) ‬وأنا‭ ‬أبحث‭ ‬عن‭ ‬دواء‭ ‬لمعضلتي‭ ‬،‭ ‬قال‭ : ‬أن‭ ‬عليّ‭ ‬أن‭ ‬أتسلق‭ ‬سور‭ ‬صمت‭ ‬تقبع‭ ‬خلفه‭ ‬لوحة‭ ‬فريدة‭ ‬ظلت‭ ‬لعصور‭ ‬تحتضن‭ ‬جنائنها‭ ‬المعلقة‭ ‬،‭ ‬يوم‭ ‬كانت‭ ‬أصابعك‭ ‬تضيف‭ ‬إليها‭ ‬رموزاً‭ ‬من‭ ‬هذياني‭ ‬فيك‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬نميمة‭ ‬واشين‭ ‬عرّت‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬جسد‭ ‬تلك‭ ‬اللوحة‭ ‬لتمتد‭ ‬فضيحة‭ ‬من‭ ‬الرأس‭ ‬حتى‭ ‬القلب‭ ‬،‭ ‬ولتترك‭ ‬الجزء‭ ‬الآخر‭ ‬ملتهباً‭ ‬بمزاج‭ ‬فنان‭ ‬،‭ ‬تخترق‭ ‬ألوانه‭ ‬أدمغة‭ ‬حروب‭ ‬لم‭ ‬تخلف‭ ‬سوى‭ ‬جوع‭ ‬جيوب‭ ‬وجوع‭ ‬مصير‭ ‬،‭ ‬وشتات‭ ‬أحلامٍ‭ ‬لوادعين‭ ‬لم‭ ‬يتذوقوا‭ ‬بعد‭ ‬آثار‭ ‬هزيمة‭ !‬

في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬كنت‭ ‬أبحث‭ ‬عني‭ ‬فيك‭ ‬،‭ ‬وتبحث‭ ‬أنت‭ ‬عن‭ ‬أقمارٍ‭ ‬في‭ ‬أكوان‭ ‬لا‭ ‬تزحف‭ ‬داخلها‭ ‬سوى‭ ‬حقائق‭ ‬تخثرت‭ ‬بفعل‭ ‬ما‭ ‬يسمونه‭ ‬أوهاماً‭ .. ‬

يومها‭ ‬وجدتُ‭ ‬مفاتيح‭ ‬لساني‭ ‬الضائعة‭ ‬في‭ ‬حقول‭ ‬ألغام‭ ‬،‭ ‬كنت‭ ‬أنت‭ ‬زرعتها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬ذاكرتي‭ ‬،‭ ‬لتبعثرني‭ ‬وتردم‭ ‬بأشلائي‭ ‬فراغات‭ ‬تلك‭ ‬الأرض‭ ‬البور‭ ‬في‭ ‬ذاكرتك‭ . ‬

خذلني‭ ‬حلم‭ ‬لقائي‭ ‬الأول‭ ‬بك‭ ‬،‭ ‬وبدل‭ ‬أن‭ ‬تودعني‭ ‬سخرت‭ ‬من‭ ‬تفاهة‭ ‬حلمي‭ ‬وقلت‭ ‬لي‭ ‬بكل‭ ‬تعجرفٍ‭ ‬وغرور‭ : ‬ستعودين‭ ‬اليّ‭ ! ‬

تحولتُ‭ ‬لحظتها‭ ‬الى‭ ‬شظية‭ ‬خلفتها‭ ‬آثار‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬بلد‭ ‬لم‭ ‬تذق‭ ‬شوارعه‭ ‬طعم‭ ‬أمان‭ .‬فغادرتك‭ ‬بكل‭ ‬كبريائي‭ .. ‬

أعترفُ‭ ‬الآن‭ ‬بأن‭ ‬رحيلك‭ ‬آفة‭ ‬تنخر‭ ‬عظمة‭ ‬وجودي‭ ‬وتتركني‭ ‬زهرة‭ ‬ذابلة‭ ‬في‭ ‬قارورة‭ ‬مجهول‭ ‬أنت‭ ‬رسمته‭ !‬

لم‭ ‬أتنفس‭ ‬غير‭ ‬حلم‭ ‬واحد‭ ‬عبر‭ ‬لحظاتي‭ ‬الهاربة‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬أذق‭ ‬من‭ ‬بحار‭ ‬المعاني‭ ‬غير‭ ‬معنى‭ ‬واحداً‭ ‬لصيقاً‭ ‬بالهزيمة‭ ‬والخوف‭ ‬والعدو‭ ‬وراء‭ ‬السلام‭ ‬،‭ ‬وكنتُ‭ ‬مثل‭ ‬أنثى‭ ‬طائر‭ ‬الكناري‭ ‬حبيسة‭ ‬قفص‭ ‬ضاقت‭ ‬بها‭ ‬الحيل‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬غير‭ ‬نافذة‭ ‬مفخخة‭ ‬بأيدٍ‭ ‬سادية‭ ‬تنتظر‭ ‬إقتناصي‭ ‬،‭ ‬لتودعني‭ ‬في‭ ‬قفص‭ ‬آخر‭ ‬،‭ ‬أسميناه‭ ‬المنفى‭ ‬وليمتد‭ ‬من‭ ‬غربتي‭ ‬فيك‭ ‬الى‭ ‬غربتي‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬له‭ ‬خرائط‭ ! ‬

ثم‭ ‬إني‭ ‬تركت‭ ‬نار‭ ‬الغياب‭ ‬تلوك‭ ‬قات‭ ‬إنتظار‭ ‬أدمنته‭ ‬،‭ ‬فتساقطت‭ ‬في‭ ‬إثره‭ ‬على‭ ‬خديّ‭ ‬عشق‭ ‬ٍ‭ ‬أهداب‭ ‬زمني‭ .‬

عشق‭ ‬كان‭ ‬كالماء‭ ‬يشكل‭ ‬وجودي‭ ‬من‭ ‬طينة‭ ‬البدء‭ ‬الإ‭ ‬أنك‭ ‬قطعت‭ ‬حبال‭ ‬حواسٍ‭ ‬كانت‭ ‬تمتد‭ ‬نحو‭ ‬أفق‭ ‬مجراتٍ‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬نيازكها‭ ‬السقوط‭ ‬الإ‭ ‬بين‭ ‬يديك‭ ‬أو‭ ‬هكذا‭ ‬ظننت‭ ! ‬

وكانت‭ ‬رياح‭ ‬الوشاية‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬دهاليز‭ ‬غدر‭ ‬لم‭ ‬تعصف‭ ‬،‭ ‬كانت‭ ‬مثل‭ ‬قدرٍ‭ ‬أبله‭ ‬خثر‭ ‬لحظة‭ ‬لقائي‭ ‬الأول‭ ‬بك‭ ‬،‭ ‬وهم‭ ‬كانوا‭ ‬يتفوهون‭ ‬بتفاهات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬رأت‭ ‬الأرض‭ ‬عيون‭ ‬الشمس‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬فتدفأت‭ ‬بخيط‭ ‬لقاءٍ‭ ‬بِكر‭ .‬

تهطل‭ ‬الأمطار‭ ‬على‭ ‬الليل‭ ‬المسكون‭ ‬بأصوات‭ ‬وصفيرٍ‭ ‬وظلال‭ ‬،‭ ‬تبدو‭ ‬كأشباح‭ ‬هاربة‭ ‬من‭ ‬نافذة‭ ‬مخيلتي‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬تمدّ‭ ‬أصابع‭ ‬إغتيال‭ ‬لتقتل‭ ‬النوم‭ ‬في‭ ‬عينيّ‭ ‬وتفرش‭ ‬أسراري‭ ‬كلها‭ ‬على‭ ‬وسادة‭ ‬سئمت‭ ‬غيابك‭ ‬عنها‭ ..‬؟‭ ‬

هل‭ ‬كنت‭ ‬أحلم‭ ‬؟

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *