خلال متابعتي برنامج ( تلك الأيام ) في السابع من أيلول الجاري وجدت مقدمه حميد عبد الله يعلن في البدء عناوين فقرات الحلقة، وأولها عنوان مثير عن ” قاضٍ عراقي ينتهك القوانين ثم يتباكى عليها ! ” مما أثار لدي الرغبة في معرفة هذا القاضي والخروق التي ارتكبها وأين وكيف، وكانت المفاجأة كبيرة قبل نهاية الحلقة حين تبين أنني المقصود ووجدته يتناولني بالسوء زاعماً أنني رددت عليه إثر نشره مقالاً تضمّن إطراءً للسيد رئيس مجلس القضاء الأعلى ، وراح حميد عبد الله يستخدم عبارات استفزازية لا يمكن السكوت عنها . كان الأمر مفاجئاً ومؤذياً لأن تقوّلاته ، بكل بساطة ، عديمة الصحة وتلقي ظلالاً داكنة على مدى أمانته فيما يعرضه . في اليوم ذاته أرسلت إليه رسالة صوتية ( بصمة ) تقل مدتها عن دقيقتين ونصف تضمنت نفي صحة ما زعمه ومطالبته بما يثبت هذا الزعم ؛ وحين لم يردّ عليّ وتأخر في بث رسالتي الصوتية أرسلت إليه رسالة بواسطة الواتساب مؤكداً طلب بث ردّي القصير الذي لا يشكّل سوى جزء يسير من الوقت الذي استغرقه عرضه المسهب المغلّف بالمغالطة والإنجرار بعيداً عن طبيعة برنامجه ، غير أنه أجابني طالباً إرسال بصمة بنصف دقيقة ! ، فكان جوابي الإصرار على بث بصمتي المرسلة كاملة كما هي تمسّكاً بحقي في الرد الوافي ، لكنه التزم الصمت هذه المرة ! . والآن، بعد أن قدّم ثلاث حلقات أعقبت تلك الحلقة وتغافل عن ردّي أجد ضرورة الرد عليه بوسائل بديلة . وفي هذه السطور الموجّهة إليه وللرأي العام أود أن أقول له ما يلي :

لا أدري من أين أتيت بزعمك هذا يا حميد عبد الله ؛ ولي أن أطالبك بتقديم الدليل على زعمك، وأنت الذي تتحدث دائماً عن أهمية الوثيقة في حالة كهذه ، فهات ما عندك من دليل .

ولقد أشرتَ إليّ بكوني قاضياً من العهد السابق ! وأقول : عجباً !، متى أصبح القضاة يصنّفون على أساس العهود ؟! . القضاء قضاء ومهمته واحدة هي تحقيق العدالة مهما تعاقبت العهود واختلفت النظم السياسية ، فإلى خطئك هذا أنبهك .

وادعيتَ أنني نكّلت بك ؛ فأين هو التنكيل ولم يصدر عني ردّ أصلاً ؟. لقد كان التنكيل الوقح من جانبك أنت بما أطلقته من أقاويل كاذبة .

إن كل ما قدمته عني قد جرى ، لو كنت تعرف ، في إطار من القانون، فالراتب التقاعدي ليس مِنّة من أحد ، وهو حق مقرّر لقاء خدمة وظيفية جاوزت أربعين عاماً ، منها ثلاثة وعشرون عاماً في القضاء ؛ أما تعييني مديراً عاماً فلم يكن لأنني مدلّل ( كما ادّعيتَ زوراً ) بل لأنني كنت أصل الليل بالنهار منهمكاً في عمل جادّ لأداء مهمات متعددة ، قاضياً في محكمة القضاء الإداري وعضواً في لجنة شؤون القضاة وأعضاء الإدعاء العام ( المختصة بمحاكمة القضاة وأعضاء الإدعاء العام ) ، وعضواً في مجلس المعهد القضائي ، ومشرفاً على مكتب الإعلام بوزارة العدل ، وأمين سر اتحاد الحقوقيين العراقيين ، وعضواً في المكتب الدائم لاتحاد الحقوقيين العرب ، وخبيراً في لجان التشريعات في مجلس وزراء العدل العرب بجامعة الدول العربية، فضلاً عن نشاطي في مجال الثقافة القانونية معدّاً ومقدّماً لبرنامج تلفزيوني أسبوعي هو ( أضواء العدالة ) ومشرفاً على صفحة أسبوعية للثقافة القانونية في أوسع الصحف العراقية انتشاراً ، وعضواً في هيئة التحرير في كل من مجلتَي ( العدالة ) التي تصدرها وزارة العدل و( الحقوقي ) التي يصدرها اتحاد الحقوقيين أيام كنت أنت ما تزال صحفياً ناشئاً في مجلة ألف باء .

ليس غريباً أن يحال موظف إلى التقاعد وهو خارج البلد ، وليس ثمة مانع من اعتماده على وكيل في العراق لمتابعة معاملته التقاعدية ، فهذا ما فعله كثير من المتقاعدين . ولا غبار على الإعادة إلى الوظيفة ما دام الموظف عند إعادته لم يبلغ سن التقاعد ،فهذا ما جرى لكثيرين من القضاة وغير القضاة .

لقد فات هذا عليك لأنه يتعلق بمجال غير مجالك، لكنك رحت تهرف بما لا تعرف ،وكان عليك أن تدع القضاء والقانون لأهلهما .

لقد خلا أسلوب طرحك من أبسط قواعد اللياقة وآداب النقاش ، ورحت في الختام يا حميد تردّد قولاً مستهلكاً “من كان بيته من ورق … ” مهدداً برد الصاع صاعين . ورداً على تهديدك المتهافت أقول :

لا يشغلني تهديد فارغ كهذا ، وبيتي ليس من ورق ولا زجاج ، ولهذا لا أخشى حجارة المفترين ، وسأمضي في الدفاع عن الحقيقة دون تردد،واثقاً من سلامة مسيرتي العملية بفضل ونعمة من الله .

سمعتي المهنية هي ثروتي، وللحفاظ عليها ضحيت بالكثير ، ولأجلها سأواجه المتربّصين بصلابة ولن أسكت عن أية إساءة لاحقة .

وإن عدتم عدنا.

{ قاض متقاعد

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *