كل شيء في حياتنا أصبح صناعة وتجارة وبالدولار الذي يحكم سيطرته ليس على الدول فقط بل على الاسرايضا التي تعاني من زيادة قيمته على مستوى معيشتها .. فيضطر التاجر والصناعي الى تسعير سلعته بما يناسب قيمة الدولار في ذلك اليوم ، خاصة السلع المستوردة وبذلك ينال من سيادتها الوطنية لانه يفرض هيمنته على عملاتها الوطنية التي تعد من اركان السيادة الوطنية .
اليوم خلاف الامس .. تعقدت الحياة وتوسعت متطلباتها فتحولت الى (مفردات) صناعية في كل شيء .. من أعقد الحلقات الى أبسطها بما في ذلك اشياء لم يدر في خلد الانسان يوما أن تصل الى هذا المستوى من التكلفة بعد أن كانت مجانية ، فتكون لها حصة في ميزانية الفرد الخاصة كالماء مثلا على بساطته واهميته للحياة ، بعد ان كانت (الحنفية) (الصنبور) أو (ماء الاسالة) كما يسمى لدى العامة هي المصدر الرئيس للماء بما في ذلك مياه الشرب ..
وكانت هذه الحالة تحقق المساواة بين الجميع.. الفقراء والاغنياء .. المتعلمون والاميون .. لان الشعب قاطبة كان يشرب من ( الحنفية) .. أما اليوم فالماء دخل في الصناعة والتجارة .. هناك معامل بعضها بسيطة تصنع الماء النقي داخل محل في المنطقة وبسعر بسيط ومعامل اخرى كبيرة تدر ارباحا ربما تعجز عن توفيرها صناعات ثقيلة عاش الانسان بدونها سنين طويلة براحة تامة وصحة دائمة وميزانية بسيطة .
كل شيء تحول الى صناعة وتجارة وإعلام ايضا تعيش شركاتها على مفردات حياة الانسان ومنها من تجد مصالحها في حالته الصحية كشركات الدواء مثلا لكنها تعد مشروعة وضرورية لانه لولا وجودها لما تمكن الانسان من مواصلة حياته وربما يموت اذا تعرض لابسط الامراض .. فكيف باعقدها؟!! ..
فالشركات الطبية تجد في صحة الانسان ربحا لها .. في تشغيل معامل الادوية والصيدليات والمستشفيات والمراكز الصحية وشركات التأمين والملاكات الطبية والصحية والادارية والخدمية والقائمة تطول .. فكيف لهذه الشركات أن تستمر وتحقق أرباحا ولهذه الاعداد الغفيرة من العاملين أن تجد فرص عمل دون زيادة الانتاج الذي يتحقق من خلال حالة الانسان الصحية في تعرضه لوعكة صحية طارئة أو مزمنة او حتى خطرة .. و شركات الادوية تحتاج الى اعلام و تعريف ومعلومات عن منتجاتها يرجع اليها الاطباء ولذلك تعتمد الالاف من المطبوعات وفي مقدمتها العلمية على اعلانات الشركات في ضمان عملها و استمرارها .. وقد يقع بعض الاطباء في شباك اعلام ومعلومات الشركات التي تسوق لانتاجها وهي كثيرة وبماركات تجارية عديدة ويتأثر بها في ( وصفته ) الطبية لانه قد يجد فيها فائدة في شفاء المريض مما يعاني منه لكنه يكتشف من خلال التجربة ان ( وصفته ) لم تحقق للمريض ما يريده فينتقل الى دواء اخر او شركة اخرى لنفس الدواء ولذلك يتاخر الشفاء الذي ربما لا يحتاج الى ادوية بقدر ما يحتاج الى ارشادات او حالة من الاسترخاء والراحة او يمكن للمريض ان يعالج نفسه بنفسه بتنظيم الاكل والشرب او الى عقاقير بسيطة او تخفيض حرارة الجسم من خلال الكمادات وغيرها ..
وقد تعرض الكثير منا الى حالات من هذا النوع فقد يصف احد الاطباء للمريض قائمة من 6 او 7 انواع من الادوية دون أي أثر لها في الشفاء فيذهب الى طبيب آخر يرى كل هذه الادوية زائدة لا حاجة لها فيصف له دواء واحدا ربما بسعر زهيد جدا لكنه العلاج المناسب لحالته وليست هذه الكيمياويات الزائدة التي تلحق ضررا بالجسم وخاصة الاطفال ..
الطبيب الامريكي فرنون كولمان يلخص الموضوع في كتاب له بعنوان سلطان البدن ( ان جسم الانسان يتمتع بقوة كامنة لمحاربة امراض لا حصر لها لو عرف صاحب الجسم كيف يسخرها أي انه يعتمد على القوة الكامنة في الجسم لمقاومة الامراض والاضرار .. قوة وهبها الله ووضعها في جسم الانسان وسائر المخلوقات .. فالله سبحانه وتعالى منح الانسان قدرة هائلة على تحمل الالم وحتى اخطر المصائب..
كانت الامهات والجدات هن الطبيبات الماهرات للاطفال في البيت ولديهن لكل مرض دواءه الشعبي.. والمعلم هو الاب للطفل في المدرسة .. يتعلم منه العلم والادب والتربية .. فالتعليم لم يكن تلقينا ودروسا ومحاضرات علمية فقط بل كان تربية وبناء شخصية .
العوامل التجارية دخلت في مفردات الحياة بما فيها مؤسسات مهمتها صناعة الانسان وبنائه كالتعليم والطب عندما يكون هدفه الربح فقط على حساب هذه الصناعة العظيمة .. فالطب عندما يصبح تجارة فقط يكون الطبيب ضحيته ايضا كما يرى الدكتور كولمان وليس المريض فقط لانها قد تلعب دورا في التاثير على نوع ونوعية العلاج على حد قوله ..
كلام مفيد :
لا شيء أسوأ من خيانة القلم ..
الرصاص الغادر قد يقتل افرادا بينما القلم الخائن يقتل امما ( جيفارا )