أمام تزايد أعداد الفاسدين وإستشراء الفساد باتت الفرص أمامهم شحيحة للمنافسة والصراع للظفر بنيل المواقع التي يلهثون خلفها والاستحواذ عليها ، ولكي تكون فاسداً (باب اول) فأنت معفي من ضوابط وشروط الشهادة الدراسية أو شهادة حسن السلوك وأمامك بدائل وفرص أخرى تجعلك أكثر ثراء وإثارة في المجتمع فكلما كانت وسائلك الإجرامية بشعة ووحشية وعروضك بالتملق والانبطاح لأسيادك فاعلة وفريدة تكون مؤهل َومقرب جدا من أصحاب القرار والنفوذ لتولي المناصب والمسؤليات وزعامة (فرق الموت) ومافيات الفساد لهذا سعى تجار الموت والمال لخلق بيئة فاسدة تصلح لعيش وتكاثر ذبابهم واذنابهم من فرق الموت والجريمة والابتزاز والرشوة والرذيلة والفسق ، وبما ان المال ورجال الأعمال هم المحرك لكل ذلك ووراء كل الأزمات والمشاكل التي تعصف بالمجتمع وسعيهم المتواصل للهيمنة الكاملة والتحكم بمقدرات المجتمع تجدهم يسعون بكل قوة لتوظيف المؤسسات الدينية والسياسية وتسخيرها لخدمته مشاريعهم وتكريس سطوتهم التي غايتها هو المال حتى وصل بهم الحال لضرب كل الدعامات والقواعد الأخلاقية والقيم المجتمعية لتمرير بضائعهم والترويج لقواعد جديدة وسلوكيات دخيلة تختلف تماما عما كانت عليه الحقب الماضية قياسا مع أدوات الحاضر التي أصبحت أكثر مكر وشر وحبكة وتجاوزت في فعلها وضررها الزمن المخصص لها وفتحت معها أساليب وممارسات لفن الخداع والتضليل والتغرير حتى باتت الوسائل البدائية لا تصمد أمامها أو حتى تؤثر فيها ونعتقد ان هناك مراكز متخصصة وممولة تعد وتوهل رموز وزعماء الفساد وتوفر لهم الدعم والحماية حتى يستطيعوا مواكبة تلك الخطط وتحقيق الموارد المطلوبة وتامين وجودهم وقمع كل من يحاول الوقوف في طريقهم، وما نراه اليوم من في تطور لافت للتجارة العالمية الحديثة من مهارة وفن كسب الأموال وعدم الاعتماد على طرق التجارة التقليدية من بيع ونقل البضائع والمواد بل نجد هناك تنوع للموارد المالية الهائلة تتحقق اليوم من غسيل الأموال والغش والسطو على الملكية الفكرية أو تجارة الأعضاء البشرية أو السندات المالية والمراهنات أو تجارة الرقيق أو تامين الحماية للأنظمة والمؤسسات وغيرها لتكون بديلا عما نعرفه من تجارة معتادة، لهذا نراها سعت لتغيير قواعد السلوك المعتمدة سابقا لاستبدلها وتصويبها بما يخدم مصالحها وارساء سلوكيات جديدة تتماشى وتتناغم مع المشروع الماسوني العالمي الذي يحتاج لضرب ونسف قواعد السلوك المجتمعي السارية حتى يستطيع تمرير وتكريس مخططه المشؤوم بتغيير سلوك المجتمع بما يتوافق مع ازدهار التجارة العالمية الجديدة، وامام هذه التحديات التي أصبحت تنخر واقعنا وتسبب لنا أرق وضجر كبير وواقع نعيش فيه ولا مفر منه علينا اخذ العبرة والدروس من تجارب الآخرين وكيف مرت تلك المجتمعات في مخاطر الانهيار الاقتصادي مما انعكس على انهيارات اخرى أصابت البنية التحتية لمنظومة القيم والأخلاق التي تضبط إيقاع التجارة وكسب المال بشكلها الشرعي والأخلاقي فكلما ابتعدنا عن الشريعة التي رسمت لنا طرق المعاملات كلما وقعنا في مستنقع الفساد والاذلال والانحطاط والتبعية فعلينا التحرر أولى من قيود التجهيل والتضليل والانعتاق من سطوة النفس الإمارة ثم الانطلاق نحو فضاء الاستقلال الحقيقي والكامل وبناء اقتصاد حر ونظام إداري ومالي رصين ورسم سياسة مستقلة ومحايدة.