لابد من نظرة متفحصة نرصد فيها بعمق ما يحصل حولنا ونقف عند ما قد يقدم لنا قراءات مهمة عمّا سيحصل والله العالم، لكن علينا ان نفهم جيداً ما يدور حولنا فان فيه كثيراً من المخاطر ولعل الخبرات التي كسبناها من التاريخ القريب تقدم لنا عبراً علينا ان نوظفها في ادراك ما يحصل ومن سيصنع الاحداث ويستفيد منها او يوظفها بحرفية ودهاء، فبعد ان وجدنا انفسنا واولادنا في بحر متلاطم لا قرار له من تقدم سريع وهائل لا حدود له من تكنلوجيا مرعبة غزت العقول وهيمنت على المنازل لتحولها الى اقفاص انعشت الشعور بالسعادة لدى هذا الجيل، اي من ولد وبيده موبايل وايباد وكومبيوتر ..الخ. من وجد نفسه في اقفاص منزلية وفرت له ترفاً مزيفاً ومرضاً دائمياً وضعه في قفص اخر مرعب، فقد قدمت له العالم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وهيمنت على وجدانه وسلبت منه ارادته واخذت توجهه من حيث يعلم ولا يعلم ،وهو يرى الكون وما فيه وخالقه من نوافذ موبايله بما يقدمه من صالح وطالح ،وراح شيئاً فشيئاً يتحول الى حبيس المنزل ويعيش البلادة والترهل والاستكانة والترف حتى ان بعضهم لا يقوى على الحركة من شدة الخدر الذي اصابه، ما حوله الى اتكالي متردد مستكين خانع لا يتخذ قراره الا بمباركة التكنلوجية الضارة اي جانبها السلبي، اذ ان اغلبهم لاسيما في بلادنا لم يعد يطلب العلم في وسائل التواصل ولا الثقافة ولا ان يُتعب نفسه ويحرك عقله لفهم ما يحيط به وما يؤثر بمحيطه او حتى ينفعه ليتحول الى انسان مهزوم ، واذا ما استمر كذلك سيقدم فرصة لعنصر خطير بدأ يهيمن على المجتمع جاء من اطراف المدن بثقافة ضحلة لا تفقه معنى المدنية والتحضر ،قدم نفسه بسيطاً ثم انتمى الى الاحزاب والحركات وبدأ رحلة التسلق بنشاط وسباق محموم وتحذلق وصل قريباً من صناع القرار وقدم لهم خدماته المعجونة بالتملق وسعى لان يشارك بصنع القرار في المركز والمحافظات، وشيئاً فشيئاً فرض قيم الاطراف على سكان المدن وهيمن على قرار الدولة المدنية واستغل الواجهات العشائرية والدينية، فمن بسيط خجول الى مخطط بارع تسلل بحذر ليصل الى مبتغاه ويحكم .كانت هذه تجارب فرخت تجارب معاصرة وها نحن اليوم نشهد جيلاً منبعه الاطراف يحمل بذور الجهل والتخلف والعنجهية والجلفية يسعى حثيثاً وقد قطع اشواطاً كبيرة ووصل فعلاً للمراكز الحساسة وسيصل بكثافة مع وجود جيل بليد حبيس الاقفاص ممن ينتمون الى ابناء العائلات الراقية الحضارية المتمدنة التي كان من المفروض هي من تقود التمدن وتطور الحياة وتحول المجتمع الى علمي متقدم لا جلفي يجره الرعاع الى رجعية مفرطة في التخلف لأنها اجادت اللعبة واحتلت مواقع داخل الاحزاب وفي الدولة، وحبيسو الاقفاص يتراجعون وكأن فناءً اصابهم وعطل حياتهم ليملأ القادمون من التخلف الفراغ الذي تركه من جعل حياته عبارة عن وهم وسراب اقعده بليداً مثقلاً بالهموم من شدة القلق والتردد فلم يعد مثل اسلافه قوياً مقداماً منتجاً للأفكار الخلاقة وفي المقابل جاءت شخصية قوية حازمة لكنها من مرتع الجهل والفوضى لتحكم وتفرض رأيها من دون رادع ،هكذا سيكون جيل الاقفاص الالكترونية ما لم يفهم ويستوعب دوره اذ ان هناك من سيسرق منه حتى لقمة العيش وينحيه ويتركه يتوسل الى مجموعات من الجهلة تفرض رأيها ؛كونها لم تعش حياة الاقفاص وعاشت الواقع ، هي اذاً رسالة لفهم ما قد يحصل .