عندما‭ ‬تطول‭ ‬الحروب،‭ ‬يزداد‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬عامل‭ ‬الزمن،‭ ‬وحرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وروسيا‭ ‬مثال‭ ‬صارخ‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬اذ‭ ‬يقول‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬انّ‭ ‬الغرب‭ ‬سيتعب‭ ‬ويحجم‭ ‬عن‭ ‬مواصلة‭ ‬الدعم‭ ‬لكييف،‭ ‬ويرد‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬فوراً‭ ‬بالقول‭ ‬انّ‭ ‬الإرادة‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الانتصار‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬،‭ ‬فيما‭ ‬النيران‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مشتعلة‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬خريطة‭ ‬واضحة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬مأزق‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬،كما‭ ‬في‭ ‬اية‭ ‬حرب‭ ‬اخرى‭ ‬حين‭ ‬تندلع‭ . ‬لكن‭ ‬سبقتها‭ ‬حروب‭ ‬أخرى‭ ‬كان‭ ‬الزمن‭ ‬فيها‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اعتبار‭ ‬لأحد‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الاثمان‭ ‬العالية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يدفعها‭ ‬المتحاربون،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬الإيرانية‭ ‬لثماني‭ ‬سنوات‭ ‬بوصفها‭ ‬أطول‭ ‬حرب‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬1980‭- ‬1988،‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬سوريا‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬العام‭ ‬2011‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬بقاياها‭ ‬موجودة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انتهاء‭ ‬جوهرها‭.‬

والرهان‭ ‬على‭ ‬الزمن‭ ‬هو‭ ‬عامل‭ ‬في‭ ‬موازين‭ ‬السياسة‭ ‬والحروب،‭ ‬غير‭ ‬انه‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬أسوأ‭ ‬العوامل،‭ ‬اذ‭ ‬تمضي‭ ‬السنوات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مراجعة‭ ‬حقيقية‭ ‬للمنجز‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والتنموي‭ ‬للبلد،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬مقارنة‭ ‬دقيقة‭ ‬لوضع‭ ‬البلد‭ ‬مع‭ ‬بلدان‭ ‬محيطه‭ ‬الاقليمي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬لكي‭ ‬نرى‭ ‬المسافات‭ ‬التي‭ ‬تصلنا‭ ‬بالعالم‭ ‬ولا‭ ‬نبقى‭ ‬منعزلين‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬مشاكلنا‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬اغلبها‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬احقاد‭ ‬ماضوية‭ ‬وشخصية‭ ‬وحزبية‭ ‬وخزعبلات‭ ‬ومهاترات‭ ‬للتغطية‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬والسرقات‭ ‬والاستغلال‭ ‬والتقصير‭.‬

في‭ ‬وضع‭ ‬الحرب،‭ ‬يكون‭ ‬عامل‭ ‬الزمن‭ ‬خارج‭ ‬السيطرة‭ ‬غالبا‭ ‬ومرتبطاً‭ ‬بأحلام‭ ‬النصر،‭ ‬غير‭ ‬انّ‭ ‬وظيفة‭ ‬عامل‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬مختلفة،‭ ‬اذ‭ ‬تخضع‭ ‬لسيطرة‭ ‬الرؤية‭ ‬التنموية‭ ‬والبنائية‭ ‬والاستثمارية‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬وجودها‭ ‬طبعاً،‭ ‬وليس‭ ‬كحالنا‭ ‬اليوم‭.‬

علينا‭ ‬ان‭ ‬نعيد‭ ‬الى‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي‭ ‬العمل‭ ‬بالخطط‭ ‬الخمسية‭ ‬او‭ ‬العشرية‭ ‬كما‭ ‬تنحو‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬ومنها‭ ‬السعودية‭ ‬والامارات،‭ ‬اذ‭ ‬وضعت‭ ‬هاتان‭ ‬الدولتان‭ ‬العام‭ ‬2030‭ ‬سقفا‭ ‬زمنيا‭ ‬لاعتلاء‭ ‬المرحلة‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬والتغيير‭ ‬والانطلاق‭ ‬نحو‭ ‬الأفق‭ ‬العالمي‭ ‬المنافس‭.‬

في‭ ‬العراق‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬ان‭ ‬نكون‭ ‬كذلك،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬نعيد‭ ‬بناء‭ ‬وضعنا‭ ‬ونرمم‭ ‬المهدوم‭ ‬ونجبر‭ ‬المنكسر‭ ‬ونصلح‭ ‬المخرَّب‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬المقبلة‭ ‬اذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬خط‭ ‬شروع‭ ‬ومحطات‭ ‬ملزمة‭ ‬التنفيذ،‭ ‬ولها‭ ‬برلمان‭ ‬جديد‭ ‬يتقن‭ ‬متابعتها،‭ ‬بدل‭ ‬السقوط‭ ‬بما‭ ‬قد‭ ‬سقط‭ ‬فيه‭ ‬طوال‭ ‬الدورات‭ ‬المتعاقبة‭. ‬

هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬تؤشر‭ ‬لخارطة‭ ‬طريق‭ ‬ينبغي‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬إرادة‭ ‬سياسية‭ ‬لترجمتها‭ ‬الى‭ ‬منهاج‭ ‬بناء‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬يقيني‭ ‬انّ‭ ‬العوامل‭ ‬الموضوعية‭ ‬في‭ ‬انتاج‭ ‬السلطة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬اجتراح‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬صلب‭ ‬السيادة‭ ‬التي‭ ‬يتشدق‭ ‬بها‭ ‬السياسيون‭ ‬المتعثرون‭ ‬بأذيال‭ ‬خيبتهم

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *