ها هو يرمي نفسه في النار ذلك الذي يغامر بالانتحار .
إنه هاجس شيطاني يساور النفس الأمارة بالسوء لتعصي أمر ربها بأن من يقتل نفسه حرمت عليه الجنة .
فما الذي يدفع الإنسان للإنتحار ؟ أية مبررات تسوقه لنهج هذا الطريق الخاطيء ؟
إنه في بعض الأوطان لا قيمة لحياة الانسان , وفي بعض الأوطان الأخرى يكون الترف اشباعا للنفس فلم تعد ترى في الحياة شيئا جديدا يستحق من أجله البقاء .
إن العصر الراهن فيه من المفارقات مما يجعل المرء حائرا تائها فلا يطيب له شيء .. إضنه الاشباع يضاف إليه السأم والملل مما يحدو بالبعض الهروب مما يحيطه فلا يجد سوى الإنتحار خلاصا له ، وبعض آخر يرى في الإنتحار نجاة من طوق الفقر الذي يضيق على خناقه .
ومع ذلك فضإن ثمة معضلات إجتماعية وعاطفية تلعب دورها في هذا الإتجاه السلبي الذي يسير عليه الفرد .
فالأب المستبد قد يخلق حالة من الذعر لدى أبنائه مما يجعلهم يمقتون وجودهم فيرون في الإنتحار حلا لأزمتهم .
وهذه صبية في عمر الزهور تفشل في مسيرتها الدراسية فتلجأ إلى الإنتحار كوسيلة للخلاص من فشلها ومن تأنيب ذويها لها .
وأخرى في مقتبل العمر أيضا تفشل في قصة حب فترى في الإنتحار خلاصا لها من معاناتها .
إنها الرؤية المعتمة على أية حال يرافقها يأس زرع جذوره في الأعماق لتكون في النهاية فاجعة ومأساة .
حينما يغمرنا النجاح نكون سعداء مسرورين وإذا غمرنا الفشل نكون أشقياء يركبنا الحزن وننسى أن الحياة برمتها فرح وحزن ، فلماذا الإستسلام لأول ضربة حظ عاثرة تأتينا على حين غرة بينما ثمة أمل ينتظرنا كلما حاولنا أن نتجاوز فشلنا .
ومهما يكن من أمر فليس من الحكمة أن ندفع بحياتنا التي كرمها الله إلى نهاية مظلمة تعسة ليس من ثمة خير وراءها .
ومهما يكن من أمر أيضا فإن كل الدوافع إلى الإنتحار مهما كانت أسبابها فإنها غير مقبولة إجتماعيا ودينيا وخلقيا .. إذ ليس من المعقول أن نهدر حياتنا عبثا ونحن نعلم أن الإنسان يتمسك بحياته حتى آخر رمق .
قد يقول قائل ما جدوى الحياة إذا كانت ذلا وهوانا ، وهو قول مردود لأن المرء غالبا ما تكون له القدرة على المقاومة والصمود ، وأنه إذا طرأ موقف شديد الوطأة على النفس فمن الأحرى بنا أن نتحداه ونبذل قوانا في مواجهته ، هكذا هي الإرادة وهكذا هي الشجاعة .
أما اذا غلبنا اليأس فهو إستسلام وهزيمة لا جدوى منهما في معركة الحياة وديمومتها .
بقي أن نقول أن الإنتحار هو جبن وليس شجاعة كما يتوهم البعض إذ لو كان للمرء شجاعة ما تردد في خوض غمار حرب عادلة مع عدو شرس لتتوج شجاعته بشهادة يرضاها الله وتطمئن بها نفسه .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *