لكي يستحق أي مسؤول في الدولة العراقية مخصصات الايفاد او مجرد حق ايفاده الى الخارج، لابدّ أن تكون هناك استحقاقات مقابلة يجب أن يؤديها المسؤول.
اذ نرى وزراء أو مديرين عامين يشاركون في مؤتمرات علمية، أو إنتاجية، أو زراعية، أو صناعية، أو استثمارية، او سواها، ويعودون من دون ان ينقلوا الى البلد ما يفترض انها خبرات حصلوا عليها عبر اللقاءات والاجتماعات والمشاهدات في المعارض والمؤتمرات بما النفع للحلقات الأعلى والأدنى منهم في سلم المسؤولية.
أعرف انّ هناك مسؤولين لا يحضرون سوى الافتتاح من المعارض المتخصصة أو المؤتمرات، ومن ثمّ يمضون ايامهم الثلاثة أو الأربعة التالية في التسوق والتنزه لاسيما في البلدان البراقة، وكان بعض الموفدين الرسميين في السنوات السابقة يقضون فترة الايفاد في بار الفندق وناديه الليلي حتى موعد اقلاع طائرة العودة. وبعد ذلك يعود المسؤول كأنّه كان في إجازة من دون تقرير تفصيلي عن الفعالية الدولية أو الإقليمية التي شارك فيها، وسط ضعف في متابعة الجهات المعنية لذلك المسؤول. كان بعضهم يكتب تقريراً اجمالياً من دون خلاصة جدوى واستنتاجات عن زيارته، وهذا التقرير على بؤسه يتم وضعه بين البريد العادي للمسؤول الأعلى لينال المفردة التاريخية التي تنخر الهيكل الإداري في الدولة، وهي « اطلعتُ».
هذا الكلام يشمل جميع الرئاسات أيضا، لأنّ ما يطلعون عليه من معلومات في الزيارات قد لا تكون متاحة لمَن هم في المناصب الأقل رتبة، لذلك ينبغي ان يقوم أي رئيس بينهم بإعمام النقاط الأساسية ذات الفائدة المتوقعة على جميع المسؤولين بحسب الاختصاص.
أمّا اذا كان الوزير الزائر لدولة معينة «مادة روتينية» و”لا أقول لعبة» بيد السفارة العراقية في ذلك البلد ، هي التي توجهه وتحدد له برنامجه الذي لا يملك ان يضيف او يحذف منه شيئاً ، فإنّ الفائدة المرجوة تعادل صفراً، والسبب قلة خبرة الوزراء الذين يأتون بهم الى المناصب عبر المحاصصة وسد الشواغر.
لو نقلَ الوزراء نقلاً حرفياً عشرة بالمائة من الخبرات التي يرونها في المعارض والمؤتمرات والورش واللقاءات الدولية الى العراق، لحققنا نسبة لا يستهان بها في تحديث البلد الذي يكاد لم ينعم من ثروة النفط الهائلة التي يملكها الا في مجال الرواتب التي تتوافر هي أصلاً على هدر عبر تبويباتها، وذلك أمر آخر يستحق العودة اليه في فرصة أخرى