بعد مرور عشرين عاما، وبعد ان استفحلت حالات شاذة دخيلة على المجتمع ، مثل الخطف والقتل والاغتصاب والرشا والفساد المالي والاداري ، والمتاجرة والتعاطي بالمخدرات والاتجار بالبشر، والدكات والنزاعات العشائرية، و جرائم الذم والقدح والجرائم الإلكترونية، والتهديد والابتزاز والاحتيال، اضافة الى الاعمال الارهابية المجرمة، ومع الأخذ بكثير من المعطيات ، تصبح الحاجة ماسة لإصدار عفو عام ، يراه البعض بداية لصفحة جديدة،ليشمل الناس الذين لم تتلطخ ايديهم بدماء الابرياء، وسرقت اموال الشعب ،وعنوانا للتخفيف من أجواء التوتر السائدة. فالأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، تكشف عن حالة غير مريحة لعوائل الابرياء الذين اتهموا بسبب المخبر السري او تهم كيدية ، وعن التوتر في الشارع، وانعدام للثقة بين المواطن والحكومات المتعاقبة، مما يؤكد ضرورة اتخاذ إجراء يخفف على الناس الامهم ويحد من احتقان الشارع ،غير أن تفاصيل المشهد السياسي واختلاف الفهم بين الاحزاب المشاركة بالعملية السياسية ، تكشف عن تعقيدات تجعل الإقدام على مثل هذه الخطوة انها مغامرة ، وتضع المتحمسين لهذا الرأي من الطرفين في وضع غير مريح. واتهام البعض للبعض الاخر بتهم جاهزة. فمجموعة من نواب بعض الاحزاب و الكتل السياسية، يتمسكون بطلب إصدار قانون للعفو العام، الذي يشمل كل شرائح المجتمع وطوائفه وليست شريحة محددة. قرار ملزم للحكومة بوضع مشروع القانون وإرساله إلى المجلس لمناقشته، سيما ان برنامج تشكيل الحكومة تضمن ذلك استنادا للاتفاق السياسي بين احزاب وكتل ادارة الدولة. ويلامس النواب في طروحاتهم قصة اكتظاظ السجون، ويرون أن العفو العام من شأنه تقليص عدد النزلاء، ومعالجة مسألة الاكتظاظ، وتكليف خزينة الدولة مبالغ طائلة ،خاصة باطعامهم وتوفير الكسوة لهم اضافة الى تطبيبهم. وعلى أهمية أن يحافظ العفو العام على احترام سيادة القانون، إذ لا يكون هناك إضرار بالأمن الوطني والمجتمعي وحقوق المواطنين، و ضرورة إعطاء المخطئين فرصة لتصويب مسارهم وسلوكهم.
وان يؤخذ تعهد من السجين المشمول بالعفو، في حالة العودة مرة اخرى تطبق عليه العقوبة الاولى التي اطلق سراحه عنها، وتشدد عليه العقوبة الثانية. وتعديل القوانين وفقا لذلك.
وبالتالي فالعفو يبقى ناقصا بدون معالجة شاملة للملف، من كافة جوانبه. لكنه يظل حلما نيابيا وكابوسا حكوميا، ما لم تستجد أمور تعيد العفو إلى واقعه الطبيعي، وتجعل منه فرحة تدخل كل منزل من عوائل المشمولين بالقرار، وتخفيفا عن اعبائهم ..