كم هو قاس عشقنا لمن نحبهم ويدعوا حبنا ، ونحن نجلس حول المائدة نفس الجلسة نعاقر ترياق الجنون ، والخبل ، والهبل . نقسم الأدوار بالتساوي كأنها أرغفة خبز ملحمة الجوعى، نستنشق مشاعر الشفقة ، أحاسيس الجراح الآثمة ، نتجاذب أطراف الحديث شاحبين ، مبهوتين ، عنيدين ، متلصصين بمآقي صقرية تزدحم أنفسنا بحسابات دنيئة مصرين على الإفصاح البشع ، معبئين كبراميل القطران ، والزفت مرصوفة بحالات عالية من الكراهية ، وجراح العشق ، ورغبة الإنتقام .
أهمس فى أذنك المتآكلة ………
_ في زمن مضى ياحبيبي مارست روح الإله أحببت كل المخاطر ، راهنت بحياة بشر أخرين معاقين من وجهة نظرك، لهوت بمشاعر من أحببنك. تآمرت على هذه ، و تلك اقتسمت اللذة مع أصدقائك ، صاحبت وحوش الدخان الأسود ، كان يطلق عليك الرجل الذى لا يتألم . ثم فى نهاية الأكلشيه المزيف : ” عاشقة وحيدة في حياتي رغم كل ممن حولي من جميلات “. وتستطرد في زهو : ” أنا أسطورة السوبر مان . أنا دون جوان عصري . أنا.. أنا .. أنا من لا يعلم من أنا ” ومع كل هذا لا تدرى تماماً أن هناك أيضا العيون التي تبغضك.
نرصد صاحب الدور الأتي سريعاً إلى جوفنا المتحمس ، على مضض نمرره كدواء مر لابد منه ، نرتب الأحكام ، ننمق الكلام بإستعارات وكتابات تشاركها حركات أيادينا العاجزة ، قسمات وجوهنا المثخنة بنتوءات الهلاك تسعى إلى الاعتراف ؛ الذي يلتف حول أعناقنا مثل أوراق سلوفان ذو ألوان براقة زائفة تبرق كلمعان عيون قطة أفزعتك ظهورها في عتمة الليل. لكنك تظل تنجذب بإنبهار مأخوذ إليها ، ولا تدرك أنك على شفا الهاوية ، وصمود أجسادنا وعقولنا الخبيثة يطرح فقط من يخرج بأقل خسارة .
كفاك زهواً … كفاك تباهياً … لا تنكر فسقك . لا تكررعلينا أقوال مثاليتك الكاذبة . ليست كائنات الحياة الجميلات مجرد مفردات لعادات تمارسها وتحطمها كما تشاء . ليست ألعاباً سحرية، لست حاوياً يتعفف كما يشاء.
أنظر إلى المرآة وقل : ” أنا لست المثالي الكامل ” وتنحى عن مقولة : أنا برئ إذا الكل مدان …. من الأفضل ياحبيبي أن تلوذ بصمت حقيقي دون زيف دون البحث عن أن تحظى بشفقة أحد .
مقلتى عيناك المتقاعسة تهذي :
أنا اليأس ، وأنت كمن تنادين فى الجبال على العدم .
أنظر إليك بحب دفين وأقول :
عليك أن تعيش هذه الهوة بعمق .
تقول :
لم يبق الكثير من دمي بدون أن يصله سم زعاف .
حبيبي نحن لانرى لا نسمع ، لا نلمس ، لا نشم ، لانفكر ، لا نحب ، ولا نكره كما كنا . هكذا تتعدد لغة الرحمة ، فكرة التسامح ، نحوعبث عالمنا ، كي نحصد مذاقاً جديداً من مغامرات أخرى عذراء .
لكن التفاصيل عسكرت عند تلافيف عقلك حتى امتزجت ، وتحولت لنسيج هلامى متفرع بأياد وأرجل كالأخطبوط تريد أن تنتقم من الجميع .
أنت محتاج لقارب نجاة فضائي ، تتلآلآ فيه عينيك المنطفئة بوهج البرق . ربما ترقص طارداً دوامة عشق وصلك الباخوسي ، حينئذ يغدو تعبيرك المآسوي أكثر سكوناً .
………. أنت عابر ……… عابر ………..عابر .
انتظر ……… هل فاتتك رؤية المسيح بالأمس ، وهو معلق كجثة واهنة مساقة للصلب ، ومن جواره اللصان الشهيران !!!
كان المشهد غريباً ولإن شئت صاعقاً ، لكنه ما عاد يدهشنا أكثر من لحظات ، وبعدها يمضي …….. ويعبر …………… يعبر……..
الكاتبة المصرية / هدى توفيق