كشفت احداث غزة وما لاقاه اهلها من عدوان اسرائيلي سافر و صمت عالمي مطبق» ان النظام العالمي القائم حاليا بتحالف القوى العالمية الكبرى و بشراكة الامم المتحدة لن يصلح لقيادة العالم لانه نظام ظالم يحابي القوي و يجافي الضعيف.
فقد كشف قتل الاطفال و انتهاك الحرمات و تدمير الاحياء السكنية عورات هذا النظام اذ شهدنا خلال الايام الفائته كيف هرعت الدول الكبرى في تاييد العدوان على غزة منتهكا القوانين و الاعراف الدولية وكيف تسابق وزراء خارجيتها للسفر الى تل ابيب لتقديم الدعم و المساعدة لاسرائيل لتواصل تدميرها لاحياء غزة و تصفيتها للقضية الفلسطينية ، واستعدادها لتقديم المزيد من الاسلحة و المال لاتمام مهمتها في ابادة الشعب الفلسطيني.اما الامم المتحدة فلم تالوا جهدا لاسكات العربدة الاسرائيلية ولم تحرك ساكنا لايقاف المجزرة بحق الفلسطينيين العزل ،بل كل ما فعلته هو الدعوة لاطلاق سراح ( الرهائن) وتقصد بذلك اسرى الحرب الذين اسرتهم قوات النخبة في الثكنات العسكرية ، وفي المستوطنات المتاخمة لغزة و الذين وطنتهم اسرائيل ليكونوا المصد الاول بوجه المقاومة والخندق البشري للدفاع عن الكيان الاسرائيلي وقد اطلقت عليهم تسمية الرهائن لتقول للعالم بان حركة حماس هي حركة ارهابية، بينما تلوذ بالصمت ازاء اسرائيل التي تقتل و تأسر و تمنع الماء و الكهرباء و الغذاء والدواء عن اكبر مدينة مكتظة بالسكان يزيد تعداد سكانها عن 2 مليون نسمة.لقد قام النظام العالمي الحالي بعد الحرب العالمية الثانية كرد فعل للحرب والانتهاكات والسيطرة الاستعمارية منطلقا من مبادئ التعايش السلمي و نبذ الحروب ،والدفاع عن حقوق الانسان و تحرير الشعوب من السيطرة الاستعمارية ، لكن الواقع بحكي لنا شيئا اخر، اذ لم تتحقق هذه المبادئ الا في حالات ضيقة مردودها حتما لصالح الدول الكبرى،
وهذه غزة شاهد حي على فشل النظام العالمي الذي لم يستطع ان يمنع الغطرسة الاسرائيلية ضد هذه المدينة الباسلة التي تعرضت لعشرات اعمال التدمير و الخراب خلال العقدين الاخيرين ، وآخرها الحرب الاخيرة التي قال عنها نتنياهو: انها حرب القضاء على حماس و انها لا تنتهي الا بخارطة جديدة لمنطقة الشرق الاوسط ، وهو يقصد بذلك ابادة الشعب الفلسطيني و تصفية قضيته.
لكن هل باستطاعة نتنياهو من تنفيذ مآربه في القضاء على القضية الفلسطينية وعلى المقاومة التي استطاعت ان تلقن العدو درسا لن تنساه اسرائيل ومن يقف الى جانبها ، فقد اثبتت الاحداث ان المقاومة وحدها من يرسم خارطة المنطقة وليس نتنياهو، فالمقاومة التي استطاعت ان تجتاح الجدار الحديدي الالكتروني خلال دقائق والتي تمكنت من نقل المعركة الى داخل اسرائيل هي القادرة على وضع المعادلة الجديدة في منطقة الشرق الاوسط لا تخيفها تصريحات العدو لانهم يعرفون حجم ما قامت به قوات النخبة التي حطمت حلم بيني غانتس شريك نتنياهو في تشكيل حكومة الحرب والذي اشرف على بناء الجدار الحديدي ابان تسلمه لوزارة الدفاع قبل خمسة اعوام ، فقد اشرف بنفسه على بناء هذا الحاجز الاسرائيلي بطول 65 كيلو مترا بين غزة و اسرائيل بعمق 6 امتار في اعماق الارض لمنع المقاومة من اقامة الانفاق تحت الجدار ، وامتد الجدار داخل البحر لمنع اي اختراق يحدث للحاجز من داخل البحر ، لقد كلف هذا الجدار اسرائيل مليار و مائة مليون دولار و ملايين الاطنان من الاسمنت و الحديد بالاضافة الى الاجهزة الكهربائية و الحساسات الالكترونية ، وبعد ثلاث سنين من العمل في انشائه و في ديسمبر من عام 2021 صرح غانتس بطل هذا الجدار : ان هذا الحاجز هو مشروع تكنولوجي من الدرجة الاولى يحرم حماس من القدرة على اجتياحه، وجاء يوم السبت 7/10/2023 ليدفن احلال غانتس في الوحل و ليصبح يوما اسودا في تاريخ اسرائيل كما صرح نتنياهو لانه اكتشف ولاول مرة قوة المقاومة وانها هي صانعة القرار و ليس اسرائيل وبهذا العبور ذكرتنا المقاومة بعبور الجيش المصري لخط بارليف في السادس من اكتوبر من عام1973. فلا خطوط حمراء ولا سوداء تستطيع ان تقف بوجه الشعوب اذا حسمت امرها وقررت ان تصنع مستقبلها بنفسها بعيدا عن مخلفات النظام العالمي القائم على مصالح الدول الكبرى و المتنكر لحق الشعوب في تقرير مصيرها