-1-

اذا ذُكر الكادحون انصرف الذهن الى الطبقة العاملة دَوَن غيرها من الطبقات فكأنَّ العمال هم أبرز مَنْ ينطبق عليهم هذا الوصف .

-2-

مع أنّ الكدح لا يختص به فريق واحد من الناس قال تعالى :

( يا ايها الانسان انك كادح الى ربك فملاقيه )

الانشقاق / 6

فالكدح : هو السعي في طلب العيش .

وقد يقال :

كدوح وخدوش : اي آثارٌ من شدة السعيّ

-3-

وهناك لون من الكدح يكاد ينساه الناس .

انه كدح العلماء مِنْ أجل العلم، فسعيهم الدؤوب للوصول الى المعطيات العلمية التي دونها العلماء في كتبهم والعكوف عليها دراسةً وتحليلا .

فضلاً عما يتوصلون اليه من آراء ونظريات .

-4-

ان انتشار المطابع في العصر الحديث أغنى العلماء عن الكدح في عمليات الاستنساخ للمخطوطات العلمية ووفرّ عليهم كثيراً مِنْ الجهد والوقت .

مثال :

لقد دخل المرحوم الشيخ علي الشرقي ( ت 1384 هـ ) على العلامة الكبير الراحل الشيخ علي كاشف الغطاء صاحب ( الحصون المنيعة ) ذات مرة فوصفه قائلا :

( وجدتُه جالساً على الأرض ، وأمامه طاولة صغيرة عليها كتابٌ مفتوح ومحيرة ،

وقد شَدّ على عضده مساطر خفيفة مِنْ الخشب شدّاً مُحْكَما يمنع الرعشة التي في يده ،

وكان لابسا ثوبا سميكا خُصص للكتابة ،

تراه مُخَطَطا بألوان ،

ألوان منْ مَسْحِ القلم وَرَذَاذِهِ ،

وكان في يده قلمٌ من خيزران ،

وكان مشغولاً بالنسخ ،

فسألتُه عن عمر ذلك الثوب فقال :

انّ عمره يناهز السبعين عاماً ، …)

راجع نهج الصواب في الكاتب والكتابة

والكتب ج1 ص 49

هذا لونٌ من ألوان كدح العلماء .

وهناك ألوان أخرى فكم من ليلةٍ قضاها هذا العالم أو ذاك وهو يكدح من أجل ايجاد حَلّ لاحدى المعضلات الشائكة.

وكم هي الساعات التي يقضيها العلماء وهم يكدحون في مضامير البحث العلمي ويكشفون عن آراء ونظريات تدفع بالحراك العلمي الى أفق جديد.

ومما يؤسف له أنَّ كدحهم الشديد يكاد ان يكون منسيا عند الكثيرين ولا يقدح ذلك بمكانتهم السامية ولا بأهمية دورهم المركزي في إثراء الحياة بأروع الأفكار والنظريات .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *