مما لا شك فيه كانت كلمة العراق في قمة القاهرة الأكثر وضوحاً، والأكثر شجاعة والأكثر صدقاً والأكثر قُرباً للفلسطينيين، ويشمل ذلك التعبير بلُغة الجسد التي أجاد فيها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حين رفع السبابة بوجه المجتمع الدولي، وهو أصبع يُرفع عادةً للتحذير، وتعبيراً عن الغضب، وتلويحاً بالعقاب، وإعلاناً عن الرفض.
وتأتي كلمة العراق في الوقت الذي ثبت فيه فشل النظام الدولي في فرض الأمن والسلام، وتعتبر القضية الفلسطينية مصداقاً لذلك، خصوصاً بعد أن ظلت معلّقةً منذ 75 سنة، كان فيها التحكيم الدولي بالكامل ينحاز للكيان الصهيوني على حساب سكان الأرض الأصليين، حتى وصل الحال مؤخراً إلى محاولة إنهاء الحق الفلسطيني بالكامل من خلال اتفاقيات السلام.
ومن هنا جاءت كلمة الحكومة العراقية لتُعيد ترتيب موازين القوى في المنطقة، من ناحية تسجيل موقف مساند للفلسطينيين ينطلق من قدرات الدولة العراقية كلاعب إقليمي ودولي في نفس الوقت، ويظهر ذلك من خلال التذكير بما يمتلكه العراق، في حدود التأثير في أسواق الطاقة، باعتباره بلداً مؤثراً في هذه الأسواق التي هي أصلاً تشهد هذه الأيام أزمة تتعلق بانسيابية الإمدادات.
ولعل مجرد تثبيت مظلومية الشعب الفلسطيني وحقه بقيام دولته يعتبر موقفاً أساسياً في هذه المرحلة، وهو ما طرحه رئيس الوزراء من خلال تذكير الدول التي على الطاولة، والتي اختارت في يوم من الأيام التفاوض على حساب الفلسطينيين، من خلال عقد معاهدات التطبيع، باعتبار أن القضية الفلسطينية ليست محل تنازلات أو تفاهمات من قبل أطراف ليست فلسطينية.
وتجدر الإشارة إلى كون كلمة العراق، في كل الأحوال، هي كلمة قدّمت العراق بالصورة التي تتطابق مع الموقف الشعبي العراقي الثابت تجاه الحق الفلسطيني، وهو تعبير آخر على كون العراق قد خرج من حالة الخنوع والانبطاح التي فُرضت عليه منذ 2003، الأمر الذي سيجعل بغداد محوراً مهماً ضمن عواصم المحور الشرقي الذي بات يعبّر عن نفسه على مستوى العالم.