لا تقلْ لماذا لا يدخل سيد المقاومة المعركة؟.
سؤالك خاطئ. لم يترك السيد المعركة حتى يدخلها، إنه يخوضها في كل لحظة. أما ترى المواجهات يومياً على الحدود؟
لا تقلْ لماذا لا يخطب السيد؟
سؤالك هذا خاطئ أيضاً. في أجواء الحرب تكون القذائف هي الخطاب.
إحبسْ سؤالك الآخر، فهو خاطئ كذلك. فالسيد صاحب القرار وصانع الموقف. يعرف متى يطلق صواريخه، ومتى يدفع أبناءه نحو المواجهة الحاسمة. إنها معركة فاصلة، لا مجال فيها للعاطفة والانفعال، والسيد يجيد الضربة القاتلة.
أبعدْ عن نفسك الشكوك، فأنت أمام بركان المقاومة.. أنت أمام المجد الثوري الذي أعاد الروح الى أمة أوشكت أن يقتلها اليأس.
في الأجواء الساخنة يجب أن تفرّق بين صمت المقاتل وبين صمت السياسي. فالأول صمته سلاح، والثاني صمته تخاذل.
لا تشك في قرارات السيد لحظة واحدة، لا تشك في صمته وكلامه. إنهم الآن يقفون على (رجل ونص) من واشنطن الى تل أبيب. صمته يرعبهم، يحرق أعصابهم، يطرحون آلاف الأسئلة بينهم، يقلّبون مئات الاحتمالات في رؤوسهم.
خذْ من أبطال غزة عبرة. لقد سكتوا طويلاً، حتى ظن العدو أنهم هجروا قضيتهم، وأن أيامهم تمضي بلا تقويم، لكنهم فجأة كتبوا تقويمهم في الأول من غزة الأغر.
لا يهتف السيد ولا يناشد ولا يشجب. لا يعرف نطق الشعارات أبداً. لا يُحسن كلام الساسة في الأوقات الفاصلة، ينعقد فيها لسانه، لأنه رجل موقف وفعل، ومن يصنع الموقف يكون صمته (أفضل ما يطوى عليه فمُ).
كل شيء جاهز. انتشر المقاتلون. أخذوا مواقعهم. أما ترون الظلام ينقشع ببريق عيونهم؟ أما ترون الخوف على وجوه أعدائهم؟
ما تراه ليس صخوراً أو جبالاً، إنهم مقاتلون. تلك هيئتهم، لقد أخذوا من نصر الله شموخ الجبل وصلابة الصخرة، وأعطاهم نظرة العيون فصارت تلمع بالقوة.
على الطرف الآخر، أهداف واضحة، لا تحميها قباب الحديد، إنها مكشوفة عارية، فحين يرفع السيد اصبعه، يصبح الحديد كالعهن المنفوش، والمحظوظ من يجد ملجأً.
تساءلوا في تل أبيب: ماذا سنفعل إن رفع السيد يده وأشار لأبنائه نحونا؟
لم يجب أحد. سكتوا جميعاً، فما تكلم فيهم غير الخوف، كان فصيح اللسان بليغ البيان، بارع الرسم والتصوير، هكذا هو الخوف مع المعتدين.
تساءلوا في واشنطن: كيف نجعل السيد ساكتاً؟
لم يجب أحد. سكتوا جميعاً، فما تكلم فيهم غير القلق، كان صريح القول واضح اللهجة، واسع الجناح غطاهم عن آخرهم، هكذا هو القلق مع الظالمين.
بين تل أبيب وواشنطن تردد السؤال:
ما العمل معه؟
سمعوا هاتفاً من بعيد: هو الموت لا مفر. فهذا نجلك يا عليّ.