السياسيون في العراق، بمختلف المسميات والمناصب القديمة والحديثة، أدمنوا الاكاذيب في طول مسيرتهم التي لم يكن العراقيون فرحين أو فخورين بها في أحسن الأحوال. لذلك تبدو الأكاذيب على سعتها عندما ينزل السياسي العراقي ورقته الجديدة متعاملاً مع قضايا عربية ومنها قضية فلسطين، التي تاجر بها القاصي والداني، فيما شعبها في الداخل ينزف وحده.
هل يذهب أحد من العرب أو الفلسطينيين الى تصديق ما يعلنه في التجمعات والندوات الجماهيرية ببغداد والمحافظات السياسي العراقي الذي كان مثالاً في الفساد والدوس على جراح الملايين الذين كانوا دائما يرنون الى افق واضح لمستقبل أطفالهم من دون جدوى؟
اليس هذا هو موسم انتخابي، تنزل فيه جميع الأوراق المتاحة التي تدغدغ المشاعر، فكيف وهي مشاعر العراقيين الصادقة تجاه الوقوف مع الشعب الفلسطيني المظلوم منذ خمس وسبعين سنة.
لم يكن في ادبيات ومتداولات الحياة السياسية في العراق في خلال العقدين الأخيرين اية مادة او بند يخض قضية فلسطين، بل ان العكس حدث مرارا لاسيما عندما ، جرى الاعتداء السافر على الفلسطينيين في تجمعاتهم السكانية في العمارات ببغداد وبعض المدن ، عندما اسقط الاحتلال الأمريكي النظام السابق، وجاء نظام سياسي جديد ،كيلت الى هؤلاء تهم على اساس كونهم جزءاً من ذلك النظام ، وهم في الاصل لاجئون ومهجرون منذ نكبة العام 1948 ونكسة 1967، وما كان احد منهم ليفكر ان يسكن في العراق لولا ما جرى لشعب فلسطين من قتل وتهجير من ارضهم.
سياسيون عراقيون سبق ان أعلنوا في سنوات ماضية تبرعاتهم لمدن في بلادهم منكوبة بالحرب او النزوح او الكوارث الطبيعية، وظهر انهم أكبر الكاذبين حتى في هذه، فكيف يمكن أن يصدقهم أحد، وهم يعلنون التبرع “النظري” لأهالي غزة الذين تنزل على رؤوسهم النيران.
انه موسم مزايدة لطبقة سياسية فاسدة وفاشلة، يكرهها العراقيون ويتمنون زوالها وبزوغ فجر جديد، وليس توزيع ظلماتهم على بقاع أخرى من بلاد العرب.