في الطريق الى مدينة الكوت عاصمة محافظة واسط لابد من المرور أولا بمدينة النعمانية حيث قبر المتنبي المدفون في “دير العاقول” بعد مقتله هناك أواسط القرن الرابع الهجري مثلما تروي كتب التاريخ. وقفنا نحن المدعوين لحضور إحتفالية مؤسسة خطى التي يقودها بخطى ثابتة الدكتور علاء الحطاب والخاصة بتكريم عدد من أدباء وصحفيي وفنانيي المحافظة, عند قبر المتنبي وفي قلب كل واحد منا عتب وأمنية قررنا حملها معنا الى المسؤولين في المحافظة وفي مقدمتهم محافظها الدكتور محمد جميل المياحي. شخصيا ربما كانت آخر زيارة لي للكوت تعود الى 30 عاما, الزملاء الذين كانوا معي في السيارة الى أقلتنا الى الكوت وهم الصحفي الرائد زيد الحلي, وأستاذ الفلسفة في جامعة بغداد الدكتور طه جزاع, والدكتور المثقف علاء المحمداوي مدير مستشفى الشعلة كانت زياراتهم الى الكوت متباعدة أيضا. حتى السيارة الثانية التي كانت حذو سيارتنا تضم الزملاء الدكتور هاشم حسن عميد كلية الإعلام السابق في جامعة بغداد والزملاء عبد الهادي مهودر ومحمد التميمي وستار الشمري, فضلا عن سيارة أخرى تضم الدكتور مضاد الأسدي عميد كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد وجدنا أنفسنا نردد بيت المتنبي “دع كل صوت غير صوتي فإنني .. أنا الصائح المحكي والآخر الصدى”.
في اليوم التالي لوصولنا مدينة الكوت حيث كنا قضينا ليلتنا في دار الضيافة الجديد الذي ربما كنا أول من دشنه بدأت الإحتفالية. كان كرم الضيافة الذي أبداه الواسطيون بدءا من المحافظ الدكتور المياحي الى كل من التقيناهم يفوق التصور. أما المياحي فقد أخذنا بجولة ليلية في أنحاء المدينة. كان يقود السيارة بنفسه وكنت الى جانبه مع باقي الزملاء حيث كان يحدثنا عن خططه القادمة بينما كنا نرى على أرض الواقع لمسات واضحة في تطوير الخدمات في المحافظة بمن في ذلك البنى التحتية. ترجل المياحي وترجلنا معه ومشيناها “خطى” نحو واحد من أجمل المولات في المدينة والتي قال عنه الدكتور طه جزاع بأنه لايختلف عن افضل المولات في إسطنبول علما أن الدكتور جزاع يكثر من الإقامة السنوية في مدينة إسطنبول التي يحبها. في الطريق وبين الناس الذين كانوا يتحلقون عفويا حول المحافظ صغارا وكبارا لإلتقاط الصور أو تقديم بعض الطلبات والمقترحات مازحته قائلا .. لماذا كل هذه الحماية التي تحيط بك؟ إستغرب الرجل وتصور أن الأمر صحيح لكنه بعد أن “باوع” يمينا وشمالا لم يجد ولا شرطيا إبتسم قائلا .. ليس هناك أجمل من أن تمشي بين ناسك بلا اية مظاهر أو بذخ.
في يوم التكريم حيث حضر الرواد من أدباء وصحفييي وفنانيي واسط كان يجلس الى جانبي النائب الواسطي الدكتور يوسف الكلابي. وحين حدثت الكلابي وكنا قبلها تحدثنا مع المحافظ عن قبر المتنبي قال لي الكلابي أنا إبن مدينة النعمانية ومن جيران المتنبي. وحين قلت له أن قبر المتنبي يمكن أن يكون معلما حضاريا مهما في المحافظة وهو مالم نره على ارض الواقع قال ان العمل سوف يجري قريبا في إحداث نقلة على هذا الصعيد بعد أن تم رصد الأموال اللازمة. الكلابي تعهد بأن يكون شارع متنبي النعمانية في واسط أجمل من شارع المتنبي في بغداد. زاد قائلا .. في بغداد التمثال وفي النعمانية المثال. جملة بليغة .. عجبتني.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *