آثار قرار المحكمة الاتحادية بالغاء عضوية السيد محمد الحلبوسي جدلا بين مؤيد ومنتقد.. وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الحالتين.. نعم هناك حالة تشفي تفضح نوع الثقافة الشخصية لعدد كبير ممن يصفون ذاتهم بالنخب والكفاءات.. فيما لم يتصاعد دخان الرضوخ للقانون.. مقابل تصاعد صخب الضجيج عن تسويات سياسية لأصل صلاحيات المحكمة الاتحادية بشكل عام.
بعد استقصاء معلومات وحيثيات عن هذا الموضوع تحديدا يبدو من الممكن القول :
اولا :لم ينجح مجلس النواب تعزيز ثقافة التقاضي لحل الخلافات السياسية.. مثال ذلك نقل الخلافات على الالتزام بالبرنامج الحكومي من طاولة المساومات إلى ساحة التقاضي.. كضمان للالتزام.. مطلوب إشاعة مثل هذه الثقافة داخل العملية السياسية وعلى كل حزب تثقيف جمهوره ان لغة التقاضي الأسمى والأكثر رقيا من نموذج التنابز على البرامج الحوارية.
ثانيا : هناك عدم تمكين معلوماتي في الثقافة القانونية عن صلاحيات المحكمة الاتحادية لا سيما في هذا الموضوع.. كان يفترض باعلام المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى المباشرة الفورية بتشر مقالات تحليلية توضح حيثيات الحكم وعدم تركه للمجاذبات اللفظية بين منتقد ومستفيد.
ثالثا : يفترض بالاعاء العام مباشرة صلاحيته مع أي تصريحات توظف الحكم القضائي لاغراض سياسية او تلك التصريحات المتشفية المثيرة للشغب كما يتم التعامل مع المواقف المؤيدة أبرزها إطلاق العيارات النارية على سبيل المثال لا الحصر.
ادراك الادعاء العام أهمية الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي.. يؤكد أهمية اللجوء للقضاء في إقرار الالتزام باعلوية الدستور.
رابعا : يتوجب على هيئة الاتصالات والاعلام ادراك واجباتها في الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي في تنبيه المنصات الإعلامية بضرورة الحياد من خلال التبيان والايضاح وليس الإثارة والتنكيل.
وعلى ذات الخط.. يكرر الحديث عن واجبات النخب والكفاءات المثقفة والأكاديمية.. ان هكذا مواضيع تتطلب دراية بالقانون كقاعدة عامة مطلقة لا توظف في هذا السياق من دون غيره.
خامسا : يثير هذا الموضوع تحديدا أهمية ترسيخ ثقافة الديمقراطية كسلوك مجتمعي.. احد أبرز وأهم تطبيقاته في ثقافة التقاضي.. بما يرسخ استقلالية القضاء.. ويشيع ثقافة القانون بدلا من حالة اللادولة.. تلك مسؤولية كبيرة على عاتق أحزاب العملية السياسية بجميع انواعها.. بمن فيهم من يصفون أنفسهم بالمعارضة او المستقلين.. لان ثبات ثقافة التقاضي ترتكز على اهم قواعد الحكم الرشيد… الشفافية ونفاذ القانون.
ما بين هذا وذاك… تظهر المحكمة الاتحادية في مثل هذه القرارات مثل ذلك المتهم البريء.. حتى تتضح لهيئة المحكمة المجتمعية الجماعية صحة قراراتها.. عندها يؤكد ان كثرة صخب الحديث عما حصل وما سيحصل ضمن نطاق الاختصاص الدستوري.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!