مجموعة الأجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة بشأن العمل على توفير حزمة من الأجراءات لمعالجة معاناة المواطنين في مجالات حيوية، خطوة على الطريق الصحيح، في مقدمتها توجه الدولة إلى استيراد السلع الضرورية وتوزيعها على القطاع الخاص، بجانب الرعاية المباشرة للمواطنين فيما يسعون إليه من اعمال.
لكن المشكلة الكبرى دوماً ليست في نصوص الأجراءات بل في طريقة تطبيقها، ومسألة رعاية المشاريع الصغيرة وتشجيع المواطنين الشباب على التوجه نحوها بدلاً من التطلع إلى التعيين في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية إنموذجاً، حيث فرغت بعض الجهات التنفيذية هذا الاجراء القيم من مضمونه من خلال المحسوبية والرشوة، بجانب عدم وعي البعض المستفيد من قيمة المشروع، فحوله إلى اقتراض بغرض السياحة أو أداء بعض المناسك.
إن مجلس الوزراء، ورئيس المجلس السيد محمد شياع السوداني بشكل خاص، أمام تحدٍ كبير، في ضمان عدم تسرب حزمة الإجراءات لصالح أطراف متنفذة ومحسوبيها، وهو تحدٍ كان وسيظل يستدعي تعزيز دور الرقابة الرسمية والشعبية من خلال:
– تعزيز دور دائرة الرقابة المالية راسخة الخبرة في متابعة أنشطة الدولة، كذلك هيئة النزاهة.
– ومثل هذه المهمة، تستدعي الاستعانة بخبرات عريقة في الرقابة المالية، ممن تجاوزوا السن القانونية من جهة، لتطعيم الملاكات الشابة قليلة الخبرة في زمن سادت فيه قيم تغليب المصلحة الشخصية ومنافعها الشرعية وغير الشرعية على حساب المصلحة العامة.
– تعزيز إجراءات ضباط متابعة الذمة المالية لملاكات الدولة، ليس فقط على مستوى الدرجات الخاصة، بل شمول الدرجات الأدنى، وإلا كيف يمكن تفسير أن يكون مدير محطة وقود يمتلك أحدث سيارة ولديه اكثر من زوجة وبيت بين ليلة وضحاها، مثلما هو حال بعض العاملين في المحطة، أو ان تغطي سواعد موظفات المصارف شبه الرسمية ودوائر الضريبة والجمارك حلى ذهبية بملايين الدنانير؟
– ومن اجل تعزيز دور الرقابة الشعبية، مطلوب من مجلس الوزراء تشجيع وسائل الإعلام في أداء مهمة متابعة تنفيذ المشاريع المنفذة ومدى انسجامها مع الأهداف المرسومة، وفي هذا الشأن ضمان عدالة توزيع الإعلانات والإعانات ليس على أساس الولاء، إنما على أساس كفاءة إنجاز مهمة الرقابة الشعبية في انجاز تحقيقات استقصائية موضوعية تتسم بدرجة عالية من الأمانة على المصلحة الوطنية وتأشير معاناة المستفيدين الشرعيين من أسلوب التطبيق، بما يعين السلطات الرسمية على ضبط الأداء.
إن تحري نزاهة الموظفين المكلفين بمهمة تنفيذ حزمة الإجراءات الجديدة وتشديد الرقابة المالية على حسن الأداء في الإنجاز لتحقيق الأهداف التي تسعى لها حزمة الأجراءات، خطوة ضرورية ملحة، وإلا فأن هذه الحزمة القيمة من الأجراءات ستتحول إلى قربة مثقوبة لن تؤدي مهمتها، وستزداد الأزمة التي يعاني منها المواطنون وانعكاساتها السلبية على السلطة القائمة. وما مشكلة المضاربة بالدولار من قبل بعض المفاصل الماسكة لمسار العملية عينة صارخة. بجانب بعض رجال الأعمال ممن يستفيدون من منصة التعامل بالدولار بسعر 1320 ديناراً، لكنهم يتعاملون مع المواطنين على أساس قيمة سلعهم بسعر السوق الموازي.