سؤال طالما تكرر في الإعلام والمنتديات ، هل يمكن للمحكمة الاتحادية ان ترجع عن قرار اصدرته ؟، وللإجابة على السؤال ، لا يمكن وبشكل قاطع للمحكمة الاتحادية ان ترجع عن اي قرار فاصل تصدره ، كون المادة (94) من الدستور نصت على:( قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة)، وكلمة بات في اللغة تعني :(قاطع ،نهائي ، حاسم، لا خيار فيه ولا عَود) ، لكن قد يقول قائل ان المادة (45) من نظام المحكمة الداخلي يسمح لها بالعودة عن قرارها ، وهذا فهم خاطئ للنص كون المادة المذكورة نصت على : (للمحكمة عند الضرورة وكلما اقتضت المصلحة الدستورية والعامة ، ان تعدل عن مبدأ سابق اقرته في احدى قراراتها ) ، وهذا النص اعطاها الحق بالرجوع عن مبدأ سابق وليس عن قرار سابق ، وهناك فرق بين المبدأ والقرار ، فالمبدأ يستخلص من الأحكام التفصيلية للقانون ، و التي يمكن أن تتخذ أساساً لاستنباط الأحكام التفصيلية للمسائل التي لم يرد بشأنها حكم خاص ، أما القرار هو الحكم الفاصل في الدعوى والقاطع للنزاع ، وكما اشرنا للمحكمة ان تعدل عن مبدأ سابق أقرته في حكم سابق وليس عن قرار سابق قررته ، وعلى سبيل المثال ، ان المحكمة الاتحادية في حكم حديث لها قالت :(ان انتهاء العضوية تعني فقدان النائب لشرط كان متوفراً عند الترشح واعطت لنفسها الاختصاص بإنهاء عضويته) ،ولكن يمكن للمحكمة في دعوى جديدة مستقبلا ان ترجع عن هذا المبدأ وتقول ( ان انهاء العضوية بسبب فقد النائب شرط من شروط الترشيح بعد ان كان متوفرا يكون من الاختصاص الحصري للبرلمان) ، اي أنها تعيد صلاحية إنهاء العضوية للبرلمان عند فقدان شرط من شروط الترشيح بعد ان اصبح نائباً . ولكن الأمر المهم هو ما مدى تأثير المستجدات التي تطرأ على الموضوع الذي أصدرت المحكمة الاتحادية قرارها فيه وعلى سبيل المثال ان المحكمة قررت إنهاء عضوية احد النواب بسبب ارتكابه مثلا فعل التزوير وبعد ان صدر قرار المحكمة المتضمن إنهاء عضوية هذا النائب حركت شكوى ضده من المتضرر او من الادعاء العام لدى محكمة التحقيق وبعد التحقيق تم الإفراج عنه من قبل قاضي التحقيق او محكمة الجنايات فان قرار الإفراج هذا لن يكون حجة على المحكمة الاتحادية
ولن يؤثر على قرار إنهاء عضويته كون قرارها اصبح باتا من تاريخ صدوره وغير قابل للتمييز او الاعتراض عليه . وحتى لو أقام النائب الذي أنهت المحكمة الاتحادية عضويته دعوى جديدة امامها محتجاً بقرار الإفراج عنه ويطلب اعادة عضويته فان المحكمة الاتحادية سترد دعواه كون قرارها بانهاء عضويته اصبح باتاً ونهائياً ولا عودة لمناقشته مجددا.