لم أجد عنواناً آخر يناسبُ مضمون عمودي لهذا الأسبوع، ففي الحلق غصَّة، لكنْ لا بُدَّ من القول إنَّ ما علمته من مصدرٍ موثوقٍ، أثار فيَّ الشجون، غير أنَّ تفكيري ذهب بعيداً غير مصدقٍ.
فهل يُعقل أنَّ بلدنا العزيز استورد ما قيمته خمسة مليارات دينار من (الطرشي والخل) في السنة المنصرمة، بينما العراق معروفٌ عربياً وإسلامياً بإنتاجه هذه المادة المحليَّة بنوعيَّة ممتازة، ويكفي أنَّ مدينتي الموصل والنجف الأشرف، أصبحتا علامة متميزة في إنتاج المخللات المتمثلة بالخل والطرشي.
إنَّ خمسة مليارات من الدنانير العراقيَّة، تهدرُ في الهواء باستيراد مادة موجودة محلياً، ينتجها البيت العراقي من مئات السنين، وكل عناصرها متوفرة من نتاج أرضنا.
فمن المسؤول عن هذا الهدر؟
ألم تكن الاستعانة بالمعامل الصغيرة المنتشرة في بغداد والمحافظات لإنتاج هذه المادة البسيطة أجدى وأنفع للمواطن العراقي ولاقتصاد الوطن، وأتساءل: لمصلحة من تتمُّ الموافقة على هذه الجزئيَّة من قائمة الاستيراد؟
شخصياً أجد أنَّ هذه الموافقة تعدُّ أمراً مستغرباً، فــ (الطرشي) مواده بسيطة ومتوفرة بكثرة، بل أنَّ الفلاح العراقي يعاني كثيراً في تسويق المنتجات الزراعيَّة الداخلة في صناعته، لكثرتها مثل (الخيار، والفلفل، والجزر، والباذنجان.. الخ).
وهنا، أطالب الجهات المعنيَّة في الحكومة بـ”إعادة النظر” في قائمة الاستيرادات، والسعي لمنع استيراد المواد المتوفرة محلياً، أو تلك التي تشهد اكتفاءً ذاتياً في السوق المحليَّة، وهو مطلبٌ وطنيٌ، وكلي أملٌ بالالتفات الى ذلك، خدمة للاقتصاد، ونفعاً للصناعة المحليَّة والفلاح العراقي، وهي مطالبة تهدفُ الى دعم التنمية الاقتصاديَّة “الصناعيَّة والزراعيَّة” وترسخ مبدأ “الاعتماد على الذات” والاستثمار الأمثل للموارد المحليَّة.. فقد لاحظنا أنَّ هناك أساليب ضارة، بعضها ممنهج، والأخرى سوء تقدير لحقت بالقطاع الصناعي والزراعي على مدى سنوات مضت، من خلال استيراد كل شيء حتى أبسط ما يمكن تصنيعه وإنتاجه محلياً، ولعلَّ استيراد (الطرشي) أقرب وأغرب مثالٍ على ذلك.
وشر البلية ما يضحك
——————————