إقتربت من المستوى في الهجوم على زعيم حزب تقدم محمد الحلبوسي ماجعلني أبدو كخصم له ومنتقد شديد القسوة بعد ساعات من قرار المحكمة الإتحادية الذي قضى بإنهاء عضويته في البرلمان العراقي، لكنني أشرت غير مرة الى إنني لاأعني الحلبوسي حصرا فيما أقول خاصة في قضية التطبيع مع الكيان الغاصب، وطالبت بجلسة طارئة للبرلمان العراقي لمناقشة الخرق الواضح لقانون تجريم التطبيع الذي سبق للبرلمان وأن أقره، وكان التيار الصدري من أشد القوى التي دفعت بإتجاه تشريع القانون، وقد صوت على تشريعه غالب أعضاء السلطة التشريعية، وكنت أتوجس أن الغمز في قناة الحلبوسي لوحده غير صحيح فربما تكون قوى فاعلة في الدولة نحت ذات المنحى في التعاقد مع الشركة الأمريكية التي هي في الواقع شركة علاقات وترويج ودعاية، وهذا ماذكره الحلبوسي بعد ذلك.. ولهذا فالتحقيق مهم جدا لنعرف أولا: ماإذا كان هناك قوى وشخصيات بالفعل قد تعاقدت مع تلك الشركة المشكوك في أمرها ، ودعوى وجود مستشارين صهاينة فيها، وثانيا: فيما إذا كان ذلك أمرا طبيعيا بإعتبار إن جهات وزعامات غير الحلبوسي تعاقدت معها دون معرفة تفصيلية بكينونتها، والإكتفاء بكونها أمريكية، وبالتالي فإما أن نحاسب الجميع، أو نغض الطرف عن الجميع، ومنهم الحلبوسي ذاته الذي أريد له أن (يشيل الليلة كلها لوحده) ولأن الساسة متشابهون فالقضية لاتتعلق بالمباديء، بل بالمصالح خاصة وإن ماكينة الدعاية في بغداد التي تتبع لقوى وأحزاب تكيل الإتهامات لذاك الطرف أو هذا، بينما هي ذاتها تتوسل المتهمين في ظنها للتحالف والشراكة وتشكيل الحكومة.
ولعل ماجاء في المؤتمر الصحفي الذي عقده محمد الحلبوسي مساء الخميس المنقضي فيه من الإشارات والتحدي ما يدفع الجمهور والنخب للخوض أكثر في تصورات عن طبيعة النظام السياسي، وحجم النفاق الذي يعانيه خاصة وإن الحلبوسي طرح جملة من القضايا التي هي إتهامات صريحة ينبغي الأخذ بها، والتحقيق فيها للوصول الى نتيجةما.. غير إني موقن بأن الموضوع لايرتبط بصحة من عدم صحة ماقيل بحق الرجل، ولكنه أمر متصل بصراع الأقطاب، وتشابك المصالح التي تدفع للتقاتل والصراع والتسقيط والتآمر، والبحث في تفاصيل صغيرة من أجل تضخيمها، وتحويلها الى حيتان تبتلع الخصوم، وتنهي وجودهم بالكامل لتفرغ الساحة لهم فيمسكوا الزمام، ويحكموا المشهد.
ويمكن تلخيص ماجاء في مؤتمر الحلبوسي الصحفي بنقاط دون تبني أي طرح مما صدر منه، ويبقى للقضاء القول الفصل شريطة توجه الحلبوسي إليه، وتقديم الأدلة الكافية التي تدين الآخرين سواء الذين ورد ذكرهم تصريحا، أو تلميحا، ومن أبرز ماجاء في المؤتمر النقاط التالية :
-القضاء هو الفصيل ومستعد اللمثول امامه في اي وقت.
-لن اغادر العراق ومستعد للمثول امام القضاء وانا باقي بين اهلي وشعبي وناسي.
-لن اكون مثل الباقي عندما تثار قضية ما يغادر العراق. انا سوف ابقى للمثول امام القضاء.
-جميع من تقدموا بالشكوى ضدي هم متهمون بقضايا فساد، والجميع يعلم ذلك.
-حيدر الملا تم استبعاده من الانتخابات اكثر من مرة كونه فاقد للشروط الاهلية التي نص عليها قانون الانتخابات.
-رفضت وارفض ان يطلق على الكيان الصهيوني دولة وانا معروف موقفي من هذا الكيان الغاضب.
-لاسلام مع الكيان الغاصب، ولن يمد العراقيين يدهم للسلام مع هذا الكيان الغاصب.
-كيف يتم اتهام حزبنا وهو بجميع اعضائه صوتوا على قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني.
-شركة BGR امريكية بجميع اعضائها ولا يوجد فيها اي تمثيل من جنسيات اخرى خارج الولايات المتحدة الاميركية، والعقد منشور من قبل وزارة العدل الامريكية.
طبيعة العقد التواصل مع وسائل الاعلام ونشر نشاطات الحزب داخل الولايات المتحدة.
-عدد المتعاقدين مع شركة BGR من العراق ٢٨٦ شخصية سياسية واحزاب منذ ٢٠٠٣ لغاية يومنا هذا.
-جهاز المخابرات مكتب رئيس الوزراء وزارة الدفاع العراقية، وزارة الخارجية العراقية، وزارة النفط، وشخصيات واحزاب سياسية سنية وشيعية تعاقدت مع نفس الشركة.
-من استهدفنا شخصيات محكومة بالارهاب والفساد، ولا يمتلكون هوية وطنية.
-باسم خشان لم يصوت على قانون تجريم التطبيق مع الكيان الصهيوني رقم ١ لسنة ٢٠٢٢.
كل تلك النقاط ينبغي التحقيق فيها لنتأكد ماإذا كان خصوم الحلبوسي خائفين منه على الوطن، أم خائفين منه على أنفسهم ومصالحهم؟ وإذا لم يتم النظر في كل تلك التفاصيل بنظرة جادة فإن الرجل وقع ضحية صراع المصالح، وليس المباديء، وهنا ينبغي التركيز على أهمية أن يتراجع السياسيون قليلا عن حالة الجشع المفرط، والرغبة في الحصول على كل شيء، وتجريم الخصم ليس لأنه مذنب، بل لأنه يهدد مصالح الخصوم!!
وإذن فكلنا محمد الحلبوسي في البحث عن التفاصيل التي تظهر الجميع سواسية وليسوا مستغلين للظروف يقابلهم ضحايا.