قبل تحرير العراق من براثن الدكتاتورية التي كانت جاثمة على صدور العراقيين لثلاث عقود من الزمن والتي أحجمت دور الكفاءات من التكنوقراط ذات الإختصاص الدقيق من تطوير قابياتهم لقيادة المجتمع وإنحسار القيادة في مجموعة من الذين تمرنوا على توزيع الظلم على الشعب دون إستثناء بحجج واهية ما أنزل الله بها من سلطان , ومنعهم من مواكبة التقدم الهائل في عصر التقنيات والتكنولوجيا الحديثة مما إضطر العديد منهم للهجرة وترك الوطن الأم نتيجة للضغوطات التي كانت تمارس ضدهم لمجرد عدم إنتمائهم للعمل السياسي الموجه من قبل حزب معين , للعمل في دول أجنبية ترعى أصحاب العقول وتوظف قدراتهم العلمية لخدمة مجتمعاتهم التي وجدت لخدمة الإنسانية بشكل عام مع وضع الدولة كافة إمكانياتها تحت تصرفهم لفسح المجال لهم للإبداع في إختصاصاتهم .
ومن المسلم به أن القيادة هي فن التأثير على الآخرين وتوجيههم للعمل نحو تحقيق الأهداف المرسومة من قبل القيادة وفق آلية إستراتيجية تضع خدمة المواطن نصب عينيها وبكل أمانة وإخلاص ونزاهة بعيدة عن الصفات اللامسؤولة التي تجعل من القائد صغيراً بأعين من هم بمعيته وتفقد الثقة بينهم , لكن بدأت في الآونة الأخيرة وتحت غطاء ومسميات مقبولة من الديمقراطية وبإسلوب الإنتخابات غير النزيهة المدعومة من جهات لها مصالحها في إختيار شخصيات هزيلة لا تنسجم ومعطيات المرحلة الراهنة في الوقت الذي يعاني فيه العراق من دمار للبنى التحتية وتفشي الفساد المالي والإداري في جميع مؤسسات الدولة وفقدان الأمن والعمل وفق مبدأ المحسوبية والمنسوبية ووضع المصلحة الشخصية فوق المصلحة العامة , ومن هنا يمكن القول حقيقة بأن العراق يعاني من أزمة بروز القادة والشخصيات القوية الذين يتمكنون من إنتشال البلد من الوضع المزري الذي يمر به نتيجة للصراعات بين أطراف العملية السياسية والعمل على خرق بنود الشراكة الحقيقية وفقدان التوازن والتوافق على القرار السياسي والتعمد في تهميش وإقصاء البعض مما زاد في الطين بلة .
في العراق والتي تعتبر الدولة الوحيدة التي تختار قادتها بالأموال والرشاوى دون النظر الى سمات القيادة التي يجب أن تتوفر في الشخص المختار وعليه فالفشل يكون حليفهم جيلاً بعد جيل والمجتمع يعاني من أبسط الخدمات الضرورية للعيش برفاه وأمان , وتتحمل القوى السياسية كافة مسؤولية ما وصل اليه البلد من فشل الى فشل على مدى سنوات من الخلاص من النظام البائد .
أما آن لهذا الوطن أن ينعم بقائد وطني في الوقت الذي طال إنتظاره بالرغم من أن البلد يزخر بالكفاءات الوطنية ممن يتصفون بصفات القيادة وبما يؤهله لقيادة العراق الى بر الأمان ليوصل الليل بالنهار لخدمة شعبه ويطوي حقبة من الظلم والتهميش والمعاناة التي جعلت من العراق لقمة سائغة لكل من هب ودب للتحكم بمقدراته غير مراعياً لمعاناتهم وهمومهم اليومية التي أصبحت حديث الشارع العراقي , فالى متى يبقى البعير على التل ؟