لم يكن عباس عبيد لاعبا عاديا يمارس كرة القدم مثل بقية اللاعبين ولكنه كان نجما كبيرا داخل الساحة وخارجها ، الاخ غانم عريبي كان ينضم بطولات للفرق الشعبية وكنا نذهب لنشاهد مبارياتها ، حتى بعد اعتزاله بسنوات عديدة كان عباس عبيد مراوغا بارعا ويرى الملعب بكل مساحته ويوزع الكرات بطريقة ذكية ويمتع من يشاهده لانه يلعب كرة قدم من قلبه وعقله وهو يؤمن بها ، لعبة عقل وتفكير وسرعة في اتخاذ القرار والحسم في الوقت المناسب وتمرير الكرة لمن هو متمركز بشكل صحيح ، لو لم يكن عبيد لاعبا عبقريا ويتفوق على بقية اعضاء فريقه لما حمل شارة القيادة مع فريقه الكوري الجنوبي والمنتخب الوطني العراقي ، في حوار معه ، قال عباس ، قوقية واقبال، افضل مني وفي المستقبل سيكون لهما شأنا كبيرة مع كرة القدم ، لو ان لاعبا غير عباس عبيد لما قال هذا الكلام لانه اللاعب الافضل بشهادة اصحاب الشأن ، اخلاق اللاعب وتربيته وسلوكه وبيئته واخلاصه بعمله وتنفيذ واجباته في التمرين واللعب الرسمي، لم تأت من فراغ ، والرجل كان كذلك ، التقيت به اكثر من مرة وتحدثنا عن موهبته الكبيرة ، فكان مثل طفل خجول ، يستحي ان يتحدث عن ذاته كلاعب وانسان ، وهو مستمع جيد ولايقاطعك في الكلام ‘
الاخ بسام رؤوف اللاعب الدولي السابق ، كان يقوم بمبادرات لطيفة يجمع من خلالها العديد من اللاعبين الدوليين السابقين ومجموعة من الصحفيين والاعلاميين ويقيم مباريات في ملاعب مدرسته الكروية بملعب الشعب الدولي ، كل اللاعبين الذين التقيت معهم ولعبت ضد فرقهم، لم يجلب انتباهي اكثر من لاعبين اثنين هما عباس عبيد وحبيب وجعفر ، بسبب التحكم العالي بالكرة وتطويعها بالشكل الذي ينسجم مع موسيقى اللعب في الملعب وكذلك اللعب باعصاب لاعبي الفريق المنافس ، اللاعبون الاخرون كذلك كانوا من اللاعبين البارعين جدا مثل راضي شنيشل وكريم صدام وسعد عبد الامير وبسام رؤوف وغيرهم، الان في دوري نجوم العراق لم نشاهد لاعبا واحدا يجلب انتباه المشاهد والمتابع والمتفرج والمعلق ، بما فيهم اللاعبين المحترفين الا ماندر ، المستويات الفنية عند هؤلاء لم تصل لربع ربع ماموجودة عند من ذكرناهم في السطور الاولى ، هناك الكثير من الاسباب تقف خلف تأخر كرة القدم العراقية على مستوى الاندية والمنتخبات الوطنية والمدربين واللاعبين على حد سواء ، وسنلخص اهمها ، وهي عدم وجود ساحات تدريب نظامية بالشكل الصحيح ، انعدام الاهتمام بلاعبي الفرق الشعبية، شطب المدراس على درس الرياضة ، اهمال فرق الفئات العمرية وتعيين مدربين لايصلحون للعمل مع اللاعبين الصغار ، عدم الاعتماد على كشافي اللاعبين، اهمال المدربين لأنفسهم من خلال عدم مواكبة التطور بعلم التدريب وابتعادهم عن المعايشات التدريبية مع الفرق الاوربية او الافريقية ، فقر العلاقة بين المدرب واللاعب ، الانا ، التي تفسد كل شيء لان من يكون مسؤولا رياضيا يعد ذاته يفهم بكل شيء ويعلم كل شيء ولايترك شيئا لمن هو افهم واعلم منه بكرة القدم او الرياضات والالعاب الاخرى ، الضحك على الدقون من خلال أيهام الاخرين والكذب عليهم بحجة وجود لجان فنية والاخيرة ليست اكثر من حبر على ورق .
ثم الاستهانة بمن هو يمتلك الخبرة والتجربة اكثر منهم ، عندما يركنون هؤلاء اصحاب الخبرة بزاوية ضيقة جدا ، واكثر مايحصل عليه هؤلاء هم تسمية مستشار رياضي ، يعني بين قوسين ، تكلم ونحن لانسمعك ، وقدم المشورة ونحن لانعمل بها ، واذا ترغب خذ اجازة طويلة الامد وابتعد عن وجوهنا، في احدى المرات قدمنا مشروعا للنظافة لو تم تطبيقه لشاهدنا عاصمتنا الحبيبة اجمل من الان الف مرة ، احدهم وضع يديه حول خصره وضحك بملأ فاه ، وقال مستهزئا، استاذ محسن التميمي مقدم مشروع نظافة؟ بعد حين عرفت من أشخاص ان من كان يشغل منصب امين بغداد بوقتها لم يكن يحمل تحصيلا علميا ولو حتى شهادة متوسطة ، الان يستطيع من يستطيع ، شراء شهادة دراسية ليبقى بمنصبه اطول مدة ممكنة، ولو ان احدهم كان حاصلا على شهادة البكلوريوس من كلية التربية الرياضية ولكنه انهك النادي الذي كان يرأسه لمدة طويلة ، العبرة والاعتبار ان نعمل مثلما كان يعمل ويلعب عباس عبيد وحبيب جعفر والجيل الذي كان عبارة عن عطاء دائم سواء داخل الملعب او خارجه، اما الاتحادات وادارات الأندية فيجب عليها ان تطبع منهاجها السنوي وتقدمه الى لجان فنية رصينة غير قابلة للاختراق والمساومة ، والاخيرة تطبقه بحذافيره بلا زيادة او نقصان ، هل نستطيع ان نعمل وفق هذه المنهجية ونترك العمل بهمجية؟