يشكّل مضيق باب المندب،أحد أكبرالممرّات المائية الدولية،لمرور السفن النفطية وألبضائع ،بين آسيا وأوروبا،حيث يصل البحر الأحمر بخليج عدن، وبحر العرب والمحيط الهندي،وله أهمية إستراتيجية وإقليمية فائقة،وشهد معارك كبرى عبر التاريخ، منها معركة بين البرتغاليين بقيادة لويزفيكريا والأميرال التركي العثماني سفرريس،والتي إنتهت بقتل القائد البرتغالي، وكذلك حرب إكتوبر1973،بعد إغلاق باب المندب بوجه الملاحة الإسرائيلية، اليوم تحشّد أمريكا تحالفاً دولياً،بعد قيام الحوثيين بالتعرّض للسفن النفطية، والبضائع الذاهبة، للكيان الصهيوني، بسبب حرب غزة ضد شعبنا الفلسطيني،وقد قام الحوثيون، بمصادرة أكثر من سفينة شحن أوروبية وإسرائيلية وأمريكية، وقصف وتدمير سفناً أخرى، مما شكّل تهديداً حقيقياً للملاحة الدولية وغلق مضيق باب المندب،ولهذا تم تشكيل هذا التحالف ،لمواجهة العمليات الحوثية في باب المندب،فحرب غزة ، التي تعثّرت صفحاتها،وفشلت في تحقيق أهدافها الرئيسية المعلنة،وهي القضاء على منظمات المقاومة الفلسطينية،القسام وحماس وجبهة العمل الاسلامي وغيرها،رغم التدمير الهائل في البنى التحتية لغزة ،ومدنها الأخرى،وقتل الآلآف من أبنائها وتهّجيرأكثر من مليون غزّاوي من أراضيهم،فغزة تقاتل وحدها،ويستشهد أبناؤها وحدهم،دون أن يتدخل أي جيش أو حاكم عربي، أو دولة عربية ،في هذه الحرب الغيرمتكافئة بكل المقاييس،وبالرغم من التهديدات المزعومة للبعض ،في التدخّل والمشاركة الفعلية في الحرب، والتي كانت تعوّل عليها المقاومة الفلسطينية،فظلّت غزة تقاتل وحدها،اليوم وفي ظلّ حراك عسكري،لفصائل من خارج غزة ،فصائل عراقية وحزب الله اللبناني وجماعة الحوثيين،في قصف مدن اسرائيلية مباشرة بصواريخ باليستية ،وقصف قواعد أمريكية في العراق،وتهديد مباشر من قبل الحوثيين، لغلق باب المندب، وخنق الجهد العسكري الإسرائيلي،دعماً للمقاومة الفلسطينية في حربها ضد الصهيونية العالمية،فإن أمريكا وحلفاءها الأوروبيين ،إستشعرت بأكبر خطر، يهدّد مصالحها الإستراتيجية في الشرق الأوسط، وهذا الخطر هو إغلاق مضيق باب المندب ،أمام الملاحة العالمية ، رغم أن الحوثيين ،يزعمون أن السفن الذاهبة لدعم إسرائيل هي الهدف فقط، إلاّ أن هذا لايكفي كتبرير،فقامت أمريكا بإنشاء تحالف دولي كبير ومؤثر((فقد نفد صبرها الإستراتيجي مع الفصائل المسلحة وعبثها في المنطقة) ،كما قال وزيرالخارجية بلينكين قبل أسبوع أثناء زيارته لإسرائيل،والدول العربية ليس من ضمن هذا التحالف، لأسباب واضحة معروفة للجميع ولحساسية امن واستقرار المنطقة،كي لاتثير حفيضة إيران، وعلاقاتها مع دول المنطقة، ويمكن أن يشعل حرباً دولية كبرى ،في باب المندب وعموم المنطقة،وهو ليس ببعيد،أمام إصرار الحوثيين على ايقاف حرب غزة، ودعم فصائلها،بقصف مدن إسرائيلية وغلق مضيق باب المندب،أمام الملاحة التي تدعم إسرائيل،وفي المقابل، تحثّ الخطى إدارة الرئيس بايدن،الى تشكيل تحالف لمواجهة الحوثيين في المضيق،ولن تسمح له هي والدول الاوربية ،بالسيطرة على مضيق عالمي، يخنق الملاحة ،وترك مصيرها بيدهم،مهما كانت النتائج،في ظلّ صمت عربي ،ودعم غير معلن لهذا التحالف، ووسط إستنفار إيراني ورفض وتهديد لهذا التحالف، الذي سيقوّض دعم المقاومة الفلسطينية ،في حربها مع إسرائيل، ويهدّد المشروع الإيراني في المنطقة،ولكن لنسأل .
ذا ما إشتعلت الحرب، بين التحالف الامريكي والحوثيين في باب المندب، فهل تبقى إيران وفصائلها في المنطقة متفرّجة، أم ستشارك في هذه الحرب،في (إستهداف القواعد الأمريكية ومصالحها الإستراتيجية في الشرق الاوسط والعالم )،كما صرح وزير خارجتها عبد اللهيان ،قبل أسبوعين،بكل تأكيد لن تبقى متفرجة أبداً لاهي ولا فصائلها المسلحة،، وستشارك في ضرب جميع القواعد العسكرية والسفارات في عموم المنطقة وليس في العراق فقط،وربما وهذا الإحتمال الأقوى، إندلاع حرب عالمية ثالثة في العالم، وهو ما تؤكده الوقائع على الارض في مضيق باب المندب،وحرب غزة الطويلة، التي يبدو أنها لانهاية لها، وتزداد سخونة ووحشية،إذن نحن أمام معادلة صعبة جداً، فالمنطقة لاتحتمل الحروب، وخاصة في العراق وسوريا،ولبنان يعاني صراعات سياسية، والعراق يعاني من نفس الصراعات ، وسوريا كذلك،واليمن مثلها، الدولة العربية غير مهيئة تماماً وتعاني التمزّق والتشرّذم والصراعات ، وتغوّل تنظيمات إرهابية،تزيد سماء المنطقة عكورة وإقلاق،وتفقد المنطقة عنصر الامن والاستقرار،وسببه طبعاً التدخلات الإقليمية والدولية في شؤون الدول العربية ، ووجود مشاريع إستراتيجية لتغيير جيوسياسي المنطقة ، لتقسيمها والهيمنة وعليها والإستحواذ على مواردها وإضعافها لعصور مقبلة،فهل ستكون معركة باب المندب المفترضة،إنطلاقة لتحقيق حلم امريكا وحلفائها في اقامة الشرق الاوسط الكبير،نعتقد بهذا الوقت بالذات، أن حلم أمريكا قابل للتحقق الآن، ليس بسبب قوتها العظمى، وإنما بسبب ضعف وتشرذم الدول العربية،وإحتراب شعوبها ،وتغوّل الإرهاب وتنظيماته فيها، بدعم دولي وإقليمي،لاسيما وإن الأوضاع العربية والدولية مهيئة لها، بإنشغال روسيا في حرب أوكرانيا، والصين بتايوان،وايران بحصارها التأريخي،وضعف التحالف الثلاثي الصيني، والروسي والإيراني ضد التحالف الأمريكي الأوروبي، وحلف الناتو ومعهم تركيا،لهذا أن معركة باب المندب المرتقبة، والتي تحضّر لها أمريكا وأوروبا على الأبواب،ولامناص منها، في ظل تداعيات حرب غزة ،وهزيمة الجيش الإسرائيلي في المعركة، رغم كل شيء ،فالحرب من غزة الى باب المندب قادمة، وتوسيعها أصبح ضرورة اسرائيلية- أمريكية، لتفادي هزيمة أكيدة في غزة ،على يدّ المقاومة الفلسطينية، اذا ما أصرَّ الحوثيون على غلق مضيق باب المندب،ومنع السفن والبواخر ،من الوصول الى سواحل إسرائيل وحدودها البحرية، الأيام القليلة ،ستفصح شكل الحرب في غزة، وفي باب المندب ،إنتظروا عناد وصمود الحوثيين، بدعم إيران العسكري لهم ،على المضي في مشروعهم الإستراتيجي،في غلق مضيق باب المندب، وخنق إسرائيل إقتصادياً ونفطياً وعسكرياً، قبل أن يأتيها المددّ الامريكي،وإنقاذها من هزيمة مؤكدة في غزة ، وإنتقال الحرب الى الداخل الإسرائيلي،بدل توسعتها الى خارج غزة ، لتشمل جميع دول المنطقة….!!!