أستغرب ابي رحمه الله قبل اكثر من عشرين سنة من ازدواجية احد شيوخ العشائر آنذاك حينما كان صباحاً مع نظام الدولة و مساءً عند سيطرة القوات الامريكية مع قوات الائتلاف، وحينما اجتمع بهم في اليوم التالي قال لهم صراحة ً نحنُ مع القوي!
ما اشجع واصدق ذلك الشيخ حينما صدق مع نفسه ومع جلساءه و صرّح بازدواجيته علناً ، على خلاف كثير من المزدوجين الذين تتغير مواقفهم مع السلطة والمال ويخادعون انفسهم بأنهم دبلوماسيين و ماهرين وليس مزدوجين!وهذا حال المجتمعات في كل زمان ومكان لا فقط المجتمع العراقي الذي درسه عالم الاجتماع الكبير علي الوردي و تناول هذه الظاهرة فيه ( ازدواج الشخصية) ولم يقصد عالمنا الراحل ان المجتمعات الاخرى لا ازدواج فيها ، بل ان ازدواج الشخصية مرض اجتماعي ينتشر في جميع البلدان وان كانت شدته او ضعفه تتفاوت بين المجتمعات حسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والا كل المجتمعات تمتلك شخصيتين تشكل تناقض صارخ امام المتابع لأحوالها وسلوكها .لا نطيل كثيراً على القارئ الكريم في المقال ، وندخل على طول كما يعبر الاشقاء المصريين ، شهدنا ممارسة انتخابية قبل ايام لاختيار اعضاء مجالس المحافظات ، ولسنا بصدد ازدواج من ملأ مواقع التواصل الاجتماعي في الايام السابقة بالزعيق والنهيق والمطالبة بالإصلاح وباع صوته بدراهم معدودة او مغانم ضئيلة ، ولا بصدد من عطّل عقله وترك لعقل الحزبية او القبلية تحّرك اتجاهه وان كان خلاف قناعته !ولكننا بصدد من اعلن صراحة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي التي اصبحت خير مؤرخ وموّثق ، دعمه لقائمة انتخابية او مرشح ما ، ولكن حينما خسر من يدعمه رأيناه رأي العين وعبر ذات المواقع ( مواقع التواصل الاجتماعي) يرقص و يهّوس عند المرشح الفائز الذي لم يدعمه او ينتخبه اصلاً!وواضح لهذا القرد البشري انه هرول خلف المرشح الفائز ليس قناعة بمشروعه او جدارته او كفاءته ولكنه شعر انه اصبح ذو منصب وقوي وان مبدأه كذلك الشيخ الصادق ( نحن مع القوي ) فكذلك اغلب الناخبين الان هم مع الفائز وان لم ينتخبوه و عملوا ضده لأنهم مزدوجين كما حلل ذلك الوردي فشخصيتهم اثناء الانتخابات شيء ، وشخصيتهم بعد الانتخابات شيء اخر !ليس من حل سوى ان يقرأ المرشحين الفائزين كتاب علي الوردي ( دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ) حتى لا يستغربوا من التفاف الناس حولهم عند وجودهم في المنصب وتفّرقهم عنهم عند زوال منصبهم فهؤلاء هم اغلب الناس عبيد الدنيا والدين او الوطنية او الاصلاح لعق على السنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فأذا محّصوا بالبلاء والمواقف قلّ الديانون كما ورد عن الامام الحسين عليه السلام وتصّرفنا بمضمونه قليلا لمزيد من الايضاح واستنطاق المرويات واقعياً.