-1-
المتسترون بالعباءة الدينية كثيرون، والمتظاهرون بالتدين والالتزام يجعلون مظاهرهم الخادعة وسيلة لاصطياد الذين تنطلي عليهم تلك الخدع ..
وهم –للأسف – يرتضون لانفسهم أنْ تكون مساراتُهم ومداراتهم موسومةً بالزيف والتضليل، في منحى سلوكيٍّ غريب لاتُقِرُهُ الاديان، وترفضه الاخلاق والضمائر الحيّة .
-2-
والسؤال الآن :
هل مِنْ طريقٍ لاختيار الأدعياء الملتفِينَ بالعباءة الدينية ؟
والجواب :
نعم
وقد روي عن الامام ابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)انه قال :
{ لا تغتروا بصلاتهم ولا بصومهم ، فانّ الرجل ربما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الامانة }
-3 –
الصدق في الحديث أصبح بمثابة العملة النادرة حيث يستبيحُ معظم المتحدثين التلاعب في الحديث بما يحققُ أغراضهم فيخترقون الخط الأحمر ولا يبالون ..!!
-4-
قال تعالى :
« والذين هم لأماناتهم وعهدهم ليمون «
المؤمنون/ 8
لقد امتدح الله سبحانه الأمناء الذين يهتمون بالحفاظ على الأمانة ويؤدونها الى اهلها .
وقال تعالى :
( ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها )
النساء / 58
والأمانة ليست محصورة بأداء الأموال الى اهلها بل هي مطلوبة من الموظف في اداء عمله يستفرغ وسعه في مضمار خدمة المواطنين ،
ومن الآباء في رعاية الموازين عند تزويج بناتهم فهم مأتمنون عليهن .
ومن هنا جاء في الخبر
( مَنْ زوّج كريمَتَهُ مِنْ فاسقٍ فقد قطع رحمه )
وأصحاب المهن والحرف مأتمنون على ما كُلِفُوا به من مهمات .
وهكذا
-4-
ومن القصص الملفتة للنظر في هذا الباب :
اني أودعت عدةَ نُسخٍ من اول كتاب لي طبعتُه عام 1970 اسميتُه
(احاديث اسلامية في قضايا الزواج والاسرة ) عند السيد الوالد –طيب الله ثراه – ، وكنتُ يومها أواصل دراساتي العليا في جامعة النجف الأشرف.
وحين جئت الى الكاظمية في نهاية الاسبوع ( باعتبار تعطيل الدراسة يومي الخميس والجمعة في الحوزة العلمية في النجف ) .
قال لي السيد الوالد – عطر الله قبره – :
أعطني نسخةَ مِنْ كتابك، لانَّ النسخة التي أهديتَها لي قد قدمتُها لصديق زارنا في غيابك .
فقلت :
اودعتُ عندكم عدةَ نسخ فلماذا لم تهدوا له نسخةً منها ؟
فقال :
قلتَ لي :
انها أمانة .
ان الولَد وما مَلَكَ لأبيه ، ومع هذا امتنع السيد الوالد – رحمه الله – من التصرف بالامانة ، وكان هذا درسا عملياً لي، ولكل مَنْ يقف على القصة في الحرص على الأمانة والحفاظ عليها.