نسمع بين الفينة والأخرى الدعوة الى إخراج القوات الأمريكية من قبل الحكومة العراقية، لا سيما بعد حوادث اغتيال جرت في بغداد خلال الأيام المنصرمة، وبالطبع فإننا مع سيادة العراق، ولا يخفى فأن العراق قد أرتبط منذ تشكيل مجلس الحكم في 2003، مروراً الى ما بعد حزيران 2004 بسلسلة إتفاقيات أمنية واستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن ربط الاقتصاد العراقي بالدولار الأمريكي، ولاشك بأن الوضع الأمني في العراق يتأثر بما يحدث في غزة، ولا بد من النظر المترابط لكل الأحداث في منطقتنا، والتي تنعكس على استقرار وتقدم العراق.أما في محافظة الأنبار كبرى محافظات العراق والتي تبلغ مساحتها 32بالمئة من إجمالي المساحة الكلية للبلد والتي فيها قاعدة «عين الأسد» الامريكية، فموقف الحكومة المحلية والقيادات العشائرية والنُخب الأكاديمية واضح، فهم مع القضايا العربية والإسلامية الكبرى، ويصطفون مع كل صوت يهدف الى السلام مع مراعاة أمن الانبار واقتصادها وعده أولوية قصوى؛ بسبب خصوصيتها الحدودية مع ثلاثة دول من جهة، وبين الأحداث التي مرت عليها خلال سيطرة تنظيم «داعش» ونزوح أبناء المحافظة هنا وهناك من جهة أخرى، فذاقوا مرارة الفقد، وقسوة الخسارة، فهدمت الدور، وقتل الأطفال، ورملت النساء، ولا ينبغي إعادة ذلك السيناريو بأي صورة من الصور، ولا يمكن فصل العلاقات(الامريكية-العراقية) عن بعضها بصورة سريعة، أذ سيتأثر الوضع الأمني والاقتصادي الداخلي في العراق؛ لأن هناك الكثير من المرتكزات تم التأسيس لها منذ 2003 بين الجانبين.       لقد عادت الأنبار من النزوح واحة خضراء؛ نتيجة لحملة الإعمار التي قادتها إدارة المحافظة عام 2017 آنذاك بالتعاون مع منظمات وهيئات دولية، فتزينت بالأشجار، واستظلت طرقها بالمسقفات والمسطحات المائية، فضلاً عن عودة الحياة العلمية، وأبناء الانبار مستمرين بعقد مؤتمرات دولية للإعمار والتنمية المستدامة، ومؤتمرات عديدة؛ تهدف الى تعزيز الأمن والسلم المجتمعي.بدأت الأنبار تنفتح على كافة الدول الغربية والعربية من خلال التواصل مع المؤسسات والمنظمات عبر سياسيها ومثقفيها وعلمائها وجامعتيها (الأنبار والفلوجة)، وكذلك فإن إدارة المحافظة حريصة على إبرام سلسلة مذكرات تفاهم مع كبريات الشركات العالمية؛ بغية توفير بنية تحتية وإدامة الطرق والجسور، وشبكات المياه، وإيجاد فرص عمل، وتعويض المتضررين جراء العمليات العسكرية، وتأمين الحدود، ومنع تهريب المخدرات.وأخيراً فنحن في محافظة الأنبار متفائلون في مستقبل المحافظة، لأنها تدار بكفاءة، لا ندعي لها الكمال، لكنها تحقق تقدماُ ملحوظاً على كل المستويات، ولا يزال الانباريون يؤدون أدواراً هامة في كل الميادين، لا سيما في مجال البناء والإعمار، وقد تبنت الأنبار لنفسها هوية الوسطية والاعتدال والحوار الدبلوماسي، لتعكس صورة مشرقة متلألئة عن عراق الحضارات.

أكاديمي

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *