في تقومينا الحزبي و القومي و النضالي يحتل اول يوم من اذار مكانة تعني لنا كثيرا من الالم، و امتحانا على التحمل و التصبر، و منعطف اختبار نضالي، افصله بشيء من ممتلئ الكلام لجيل سيعيد اكتشاف رجل حكم قدره بأيمان ليغير مسار تاريخ فرضه اقوياء على امتنا و شعوب اخرى، وانا اعني البارزاني و ذكرى رحيله في الاول من اذار سنة 1979.

لا يذكر التاريخ بتفاصيله حتى الاتي لا يعلمها الا القلة وجود شبيه لمصطفى البارزاني في انجازه لامة مثل الامة الكوردية التي لم تزل مستهدفة من آخرين كثر يتجدد العداء لها عرقيا و لغايات تتأرجح بين الجهل المتعمد لها و بين عقلية التسلط المتعدد الوجوه و العقائد. امة موحدة لكنها مقطعة الجسم، خارطتها طبيعية لكنها مصطنعة عند انظمة بعينها، انظمة مستعدة لتصنع كل شيء الا ان تقف امام صحو الضمير او تسمع صوت الحق لارجاع الحق.

لموهبة في نفسه ومثل اي عبقرية تعرف كيف تحول نقاط الضعف التاريخي في البنية الاجتماعية جراء الظلم على الامة، تحويلها لنقاط قوة، تقدم مصطفى البارزاني ليقول كفى و ليعمل على تحويل ال( كفى) الى عمل نضالي، وليس ذلك القرار قرارا هينا في التطبيق مالم تتوافر له شخصية فذة التأثير مثل البارزاني.

انطلاقة البارزاني في ظرفي مكان و زمان كالذي كانا عليه يوم وثباته الاولى بوجه انظمة مثل التي يورد التاريخ المحايد طبيعتها التسلطية، كان امرا اقرب للخيال و المعجزة، فردا من امة مضطهدة يقف قبالة انظمة تسندها انظمة، وبمجوعات من مقاتلين مؤمنين به و بقضيتهم يتحول الرجل الى امة جديدة تأمر بقيم العدالة و تنهى عن ادامة الظلم.

لم يقبل مصطفى البارزاني ان نكون تبعة لنظام يرانا كما يشتهي الهوى الحاكم، نقدم فروض الطاعة ونرضى الدرجة التي تمنح لنا، ولذا اعاد البارزاني و بالعمل صوت الحق الالهي الذي كرم الانسان بالمساواة و الحرية و حق الاختيار.

وجود البارزاني كان استثناءا امام قاعدة فرضتها مئات سنوات المنع للحق الذي اقترفته عقلية الحكم، فكان النضال اقرب ما يكون لنقي الهواء بعيدا عن استنشاق دخان الذل و القسوة.

هجرة الحق

كان الحراك بين الجبال هجرة نحو الحق و نحو صناعة تاريخ مشرف للفرد و للجماعة و للامة، كنا معسكرين، معسكر يريد الاحتكام للعدالة و مسعكر يريد الحكم بهواه.

البارزاني و بصدق افعاله و اقواله اعاد و ارسى قيما في نفوس و عقول و افعال شعبه ميزتهم عن الاخرين بنصاعة يقل مثيلها، واهبا حياته لهم غير سائل عن مقابل.

زاهدا، نقيا، متسامحا، ذكيا، جسورا، عفيفا، و عشرات الصفات التي لا تغيرها تبدلات الاحوال، ذلك هو مصطفى البارزاني، قائد الثورات و الانتفاضات و سيد المواقف الصعبة.

رحل في الاول من اذار بعد سنوات قليلة من النكسة و من ثم ثورة الربيع( گولان) وامام رحيله فالصمت ابلغ لغة و العمل بسيرته امضى ما يكون من عمل و اجود.

مصطفى البارزاني حجة على امته و على الحزب الذي تشرف ان يطلب اليه ان يكون رئيسا له، فالبارزاني لا يحدد بصفة رئاسة حزب، الحزب كان احدى قنواته و ادوات عمل من اعماله، البارزاني رمز امة و عاملها الاكبر في التنشط و العودة للثقة و التقدم.

كل الكورد و كثيرون لا يحصون عددا من غير الكورد يؤمنون به عن قناعة انه رمزهم و مرجعهم و قائد فكرهم، مسلمون و غير مسلمين، شرقيون و غير شرقيين هم اولئك الذين لامسهم اثره فعرفوا صدقه و صوابه.

البارزاني ميزان للرجال، و متى عرفت مشتغلا في نهجنا و سياستنا فعليك ان ترى مدى تركز افكار البارزاني في افعال الذي تريد معرفته لتعرف اهو سائر بدرب البارزاني و الامة ام هو من خارج الدرب و الى خارجه يعود.

رحم الله تلك النفس الزكية

ونفوس كل المضحين في دربه

من قضى منهم نحبه و من ينتظر.

 

مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *