قال السفير الياباني في العراق فوتوشي ماتسوموتو في لقاء تلفزيوني قبل أسابيع في محظر ردّه على سؤال عن العلاج الانجع لخروج العراق من أزمته الحالية ،على اعتبار إن اليابان مرّت بذات التجربة بعد استسلامها في الحرب العالمية الثانية قال إن أهم خطوة ينبغي للعراق القيام بها هي التعليم والتعليم فقط لانه ركيزة بناء وتطور البلدان ورقيها ، وبالمناسبة فان ماتسوموتو يتكلم اللغة العربية بطلاقة أفضل بكثير من بعض مسؤولينا ..(المتأسلمين) !
كلمات سفير الامبراطور الياباني لخصّت وشخصّت العلّة الأهم في بناء بلدنا وكيف نجحت طوكيو في تخطي أثار الحرب المدمرة والنهوض بجميع المجالات كالصحة والبيئة والأمن والصناعة والتخطيط وغيرها من مجالات الحياة التي تعد مقياسا لنمو الامم وتحضرها لانهم بدؤا رحلة الاف الميل في النهوض الاسطوري من خلال طلاب المراحل الاولى .
والامر لدينا مختلف تماما فنحن لانصغي الى من ينصحنا ولا نتعلم من اخطاؤنا لبعدنا عن المنهجية العلمية الرصينة لنشأة الجيل الجديد فضلا عن إفتقادنا للبنى التحتية للمؤسسات التربوية التي مازال المئات منها يشغل مدارس طينية وكرفانية وأخرى من القصب وثالثة متهالكة لانعرف متى تقع على رؤوس تلاميذها الذين يتقافزون فرحا كلما أمطرت السماء لأن ذلك سيؤدي الى منح عطلة في اليوم التالي.
ولابد من الاشارة الى ان معظم مناهج وطرائق التدريس قد جانبت الاسلوب التربوي الصحيح وباتت تنمي عقول وأذهان الطلبة الى كل ما (يؤدلجهم) ويوجههم الى مفاهيم لاتمت للتعليم بصلة ، في حين ان العراق كان يتصدر مستويات التعليم عربيا وينافس على المراكز المتتقدمة عالميا وكان محجّا للطلبة (العربان) في سبعينات وثمانيات وحتى تسعينات القرن الماضي .
ونتيجة لهذه الظروف يمكن التكهن بما سيؤول اليه الأمرعندما يتخرج هؤلاء (المؤدلجين) من الجامعات ومن ثم يذهبون الى سوق العمل وجلّهم لايفقهون قيد أنملة بالاختصاص الذي درسوه لان الحصول على الشهادة عندهم حتى بطرق (ملتوية) أهم من تنمية معارفهم ..والعاقل يفتهم !
وهذا الطبع ينعكس على خريجي الجامعات الاهلية ، والتي ربما تكون البعض منها رصينة ، فحدّت ولاحرج بعد أن اصبحت هذه مجرد (دكاكين) أكثر من الهم على القلب وبات هدفها الاول منح الشهادات لمن هبّ ودبّ بعد دفع (المعلوم) السنوي الامر الذي يستدعي وقفة حازمة وصارمة من وزارة التعليم العالي للحدّ من توسع (إمبراطورياتها) ورفد السوق بأنصاف من المتعلمين ! .
وفي معرض الحديث عن تدني مستوى التعليم وطريقة إختيار مربي الجيل لابد ان نشير الى الفضيحة الاخيرة لعميد أحدى الجامعات والذي ضبط متلبسا في مكتبه داخل الحرم الجامعي بوضع ٍ مخل ٍ مع احدى الطالبات التي هي بعمر بناته !
لكن فضيحة العميد إياه ليست الاولى ولن تكون الاخيرة مادمنا لانعتمد معايير المهنية التي تضع الشخص المناسب في المكان المناسب ونعتمد بدلا عن ذلك أسس المحسوبية والمنسوبية والعشائرية و…المحاصصة البغيضة جدا جدا .