الاختلاف في كل العمليات السياسية بين الأطراف والكيانات والأحزاب ، يكون قوة وفعالية إذا استخدم لمصلحة تطوير أداء الدولة وتحقيق نقلات نوعية في مؤسسات السلطة وخدمة مصالح الشعب ، ويتحول هذا الاختلاف الى تناقضات سلبية وخطيرة إذا سادت المصالح الذاتية والكتلوية فوق المصالح الوطنية العامة وتؤثر بشكل واضح وخطير على الشعب اولاً والدولة ومؤسساتها الضامنة للتأخي مثل القضاء ثانياً . وفي العراق كثيراً ما تتحول الاختلافات بين القوى السياسية الى اتهامات تنسحب الى القواعد الشعبية والى تعطيل أو اضعاف دوائر السلطة والدولة ليكون التشكيلات المحيطة بالسلطة هي تشكيلات محاصصات موزعة على قواعد الكيانية المذهبية والعرقية وليس على أساس المكانية الوطنية والأداء الفعال للشخصيات المهنية والأكاديمية والوطنية ، وكثيراً ماتختلف هذه الأحزاب والكيانات مع بعظها البعض أو بينها وبين رأس السلطة أو نتيجة شعورها من انها لم تأخذ حصتها في انتخابات مجالس النواب أو مجالس المحافظات تنسحب وتسحب معها أطرافها وجماعاتها ، وكأن البلد والدولة والسلطة ورقة يمكن التلاعب بها والتأثير على مسيرة العمل برمته ، وهنا يتحول هذا الاختلاف الى تناقض يعطل مسيرة العمل والنهوض برمته سيما إذا كان الرأس الأول في السلطة جاء نتيجة توافقات سياسية بين مختلف الأطراف ، ويقفز الجميع عن حقيقة من إن كل هذه المؤسسات البرلمانية ومجالس المحافظات هي مؤسسات خدمية وتشريعية تخص بالأساس المواطن ومصالحه والبلاد وتطويرها ، وتتجاوز في الأهداف والأداء المصالح الضيقة لتلك المكونات السياسية . لا أحد يشك بأن لكل حزب وكيان سياسي فائز أو لم يفوز له الحق في تحقيق البرنامج الذي طرحه من اجل تحقيق اكبر قدر ممكن من البرنامج خاصة اذا كان الأمر يتعلق بالمشروع الوطني النهضوي في المحافظة أو العاصمة أو المناطق الأخرى الذي صوت عليه جمعاً مهما من الجماهير . الان نلاحظ الاختلاف بين الكتل السياسية الكردية ، وبين الكتل الشيعية وكذلك السنية ، فالحزب الديمقراطي الكردستاني اعلن الانسحاب من انتخابات كردستان وعبر عن اعتراضه لقرار المحكمة ، وهوالحزب العريق مثل الحزب الوطني الديمقراطي الكردستاني ، ولهما دورا مهما في العمل الوطني العراقي سابقاً وحاضراً ، وكنا نأمل أن لا تنسحب المواقف من القضاء كونه الضامن لحقوق الجميع ، وان الاختلافات يجب ان تحل سياسيا وعلى وفق دور السلطة التنفيذية ، كما أن الاختلافات في مجالس محافظات ديالى وكركوك وبعض المحافظات الأخرى هو بالضرورة لتعطيل التنمية وتجاوز على حقوق المواطنين في العمران والبنى التحتية وحقوق الانسان في العمل .
عشرون عاما انقضت ولازالت القوى السياسية الحاكمة تتصارع وتتناقض وتتنافس على المواقع والأماكن والمصالح ، كأن هذه السنوات الطويلة لم تكفي للاتفاق على صيغة عمل وطني تعزز من مكانة الدولة وتعطي للسلطة هامشا مهما في إدارة مؤسساتها واختيار الأنسب في الموقع الذي يتولاه ، ومثل هذا السلوك هو نتيجة طبيعية لتوزيعات مؤسسات الدولة على الحصص والمكونات العرقية والطائفية وليس على منطوق الوطنية والمصلحة العامة للشعب ، فمن يدعي التمسك بالمنهج الديمقراطي ، فالديمقراطية ليست سائبة ، بل هي قانون عمل تربوي وثقافي ونهضوي وسياسي ، لا يصح استغلالها لمصالح حزبية انانية أو مطرقة في المواجهة بين تناقضات مصالح الأحزاب والكيانات السياسية ، وإذا ابتعدت الديمقراطية عن مشروعية أهدافها تصبح أداة لتعطيل العمل والبناء والعلاقات الســــــليمة بين الأحزاب وجماهيرها ، وأن ما مضى من الزمن دون رصانة المواقف للأحزاب والكيانات السياسية يؤشر بأن هذه القوى لم تنضج في فهم المشروع الديمقراطي ، وغالبية موقفـــــــــها تتـــــــكأ على المصالح في توزيعات الحصص والخاسر الوحيد هو العراق وشعبه ..