قيل : كيف يمكن أن تثق بمن لا تعرفهم وأنت لم تعد تثق بمن تعرفهم ! حقا إن الأمر صعب أن تثق بأي إنسان بعد أن خذلك من كتت تظنه أنه قريب منك ؛ ونحن ندرك تماما أن الثقة لا بد أن يرافقها سلوك تطمئن إليه من نزاهة وأمانة وسيرة طيبة ؛ أما إذا خلت من هذه المواصفات فلاجدوى ، حينئذ فحسب سيراودك شك وتردد . فكم من صديق عاشرته زمنا غير قصير فتبين لك أن ثقتك به كانت هباء ؛ ولم يقف معك في وقت الشدة وتركك في معاناة . إن الصداقة اليوم باتت في حال يرثى له بعد أن طغت الإثرة والأنانية والمصلحة الشخصية وضربت معها كل القيم والمعاني الجميلة . ويا ترى كيف تريدني أن أثق بك وانت عاق لوالديك ! كيف وأنت لم تراع كل السنوات التي ربطتك بأسرتك وهدرت معها خصلات الود والحنان والوفاء ! إنها مفارقات يردف بعضها البعض في هذه السنوات العجاف ومسيرة عرجاء في زمن العولمة التي إحتضنت الجانب المادي وأهملت الجانب الروحي .