الشاعر و الناقد علاء حمد
إذا تقصينا الكلمات الدافعة للغة، فسوف نلاحظ أن الكلمات تصبح بنائية بحكم تركيبها، وبما أنها دافعة للغة ومنها اللغة الشعرية فهي حاملة للمعنى، المعنى الذي يتحول في المنظور النصّي إلى موضوع، وذلك بسبب خصوصيته النصّية أي أن هذا المعنى وتشعباته ومجاوراتها يكون ممهدا وملتصقا بالنصّ، ومعالجته أو الدخول إليه من خلال النصّ المنظور.
الشاعرة السورية ربا العلي، قدمت قصيدة مختلفة؛ والتي حملت عنوانا مختلفا له علاقة مع آيات كريمة ( هل أتاك حديث الموؤدة )؛ ( وإذا الموؤدة سُئلت* بأيّ ذنبٍ قُتلت ) وهي تستطلع التناص في منظورها النصّي وعلاقاته بمعاني القرآن الكريم، لذلك ومن خلال هذا المنظور نستطيع أن نقول إنّ اللغة نظام من العلاقات المختلفة.
يا لرحمة التراب
لطيف القتل
لا يشبه سيّاف الحياة
عانس تمزق بكارة الصمت
وتدلي بشهادة لا تقبل في محكمة الذريعة
لا أريد العيش
وسأُقدِمُ على الانتحار
مرغمة بادلني الليل ثوبه وسرق منّي النهار
من قصيدة: هل أتاك حديث الموؤدة – ربا العلي
إنّ الاختلاف الذي نقصده هو اختلاف بين الدوال من جهة وبين المدلولات من جهة أخرى، لذلك تختلف الإشارات وتختلف الأصوات أيضا بين المفردات المركبة، ولكن نسعى إلى مضمون النصّ المختلف الذي يزودنا بقائمة من التأويل؛ حيث أنّه يجعلنا نستدير نحو النصّ باتجاهات عديدة، ومن هنا نؤكد أيضا على تعدد اتجاهات النصّ المكتوب. ويرى دي سوسير أنّ نظام اللغة هو نسق إشاري مبني على علاقة الاختلاف بين الثنائيات المتعارضة ” “.
يا لرحمة التراب + لطيف القتل + لا يشبه سيّاف الحياة + عانس تمزق بكارة الصمت + وتدلي بشهادة لا تقبل في محكمة الذريعة + لا أريد العيش + وسأُقدِمُ على الانتحار + مرغمة بادلني الليل ثوبه وسرق منّي النهار
المناداة التي وظفتها الشاعرة السورية ربا العلي، تعتبر جزءا من الاستعارة، فبدلا من أن تقول: يالرحمة الله، فقد وظفت مفردة التراب، وهي مفردة استعارتها من الطبيعة، وذلك بسبب حالة فعل المتخيل وحركته لكي تخرج من الكتابة المباشرة، وتعتمد حالة الاختلاف التخييلي في منظورها النصّي.
…
نظام القول في الورشة الكتابية :
الغاية من نظام القول هو؛ الأثر الفعال الذي يميل إلى الثقل الشعري؛ فالشاعرة تنتهز ليس فقط حالتي الاستعارة والاختلاف اللغوي، وإنما توظيف غير المعقول والاستدارة اللغوية: عانس تمزق بكارة الصمت.. مرغمة بادلني الليل ثوبه وسرق منّي النهار.. طريقة تأثيرية في تصريف اللغة حسب الخطاب الموجه، وبما أن الشاعرة ابنة بيئتها ( سورية ) فهي لم تذهب خارج الخطاب الشعري، وإنما هناك ألم، ومن خلال مساحة الألم التي تعيشها الشاعرة، فقد التجأت إلى العجائبية في الإدراك اللغوي.
…
..
جزء من مقالة طويلة
لكتاب قبعة اللامحدود..