في 14 تموز 2003كنت على موعد مع علي بن الحسين (الشريف) العائد من منفاه الطويل غير المتعب بين عدة دول جميلة و قوية، ليتخذ من دار في حي الزوية ببغداد مقرا اقام به مجلس عزاء متأخر للعائلة المالكة التي اهلكها الجيش و قسم من الاهالي مصباح تموز المعروف بثورة قاسم. كان علي بن الحسين (الذي مات الاثنين بعمان عند قريبه الملك عبدالله الثاني) جالسا على كرسي فخم بين علمين ملكيين، يرتدي حلة سوداء وربطة عنق داكنة يستمع للقرآن، وقد دهن شعره بكثير من الكريم اللامع و شذب شاربيه فظهر شكله شبيها بالامير عبدالاله بن علي الذي سحله الجمهور العراقي سنة 1958. قابلته ممثلا لجريدة التآخي التي كان يرأسها الراحل فلك الدين كاكه يى و الحوار منشور في عدد 15 تموز 2003 وكنت لازلت احتفظ بأسمي الحركي (هشام بدران) الذي حملته من ايام المعارضة. قلت له: الشيوعيون يحتفلون بزوال اهلك و انت تقيم مجلس عزاء، ما رأيك بالتناقض بينكما انكما عارضتما صدام حسين و تتعارضان في الاساس هم يقولون ثورة و انت ترى قاسم مجرما؟
قال لي : لكل رأيه.
قلت له: اتعتقد انك ستكون ملكا؟
قال: العراقيون يقررون.
قلت له: اعطاك الامريكيون مكانا ضمن القادمين ام وعدا بالعودة للملكية؟ لكنه لم يجب.
كان يلفظ حرف الراء بشيء من غنج يكفيك لتعرف ان الرجل عاد للماضي الذي بخياله لا للواقع الذي هو ابعد عن خياله بقدر بعده الان في الموت عن الحياة. كان مهذبا جدا لكن حظوظ مكانه لم تكن اكثر من صورة تذكارية تلفت انتباه الباحث عن بقايا بيت فيصل الاول. لم نتفق على موعد ثاني فطروحات الراحل قد تقال بچايخانة على اطراف بغداد لا مكان لها حاضرا و مقبلا.
عدت للقاء فلك الدين عليه رحمات الله، وقلت له: هذا الرجل مكانه في لندن لا على نهر دجلة.