كان يا ماكن يا سادة يا كرام ، شعب مسكين من شعوب هذه الارض ، كافي خيره شره ، على هامش الحياة ، وحيد ، ليس له صديق ولا صاحب حميم يركن اليه الا الجبال الشاهقة والكهوف المظلمة ، ولكن هيهات للآخرين الذي سماهم جون بول سارتر ب»الجحيم»ان يتركوه لوحده ويدعوه ليعيش بسلام وامان ، فجرجروه من عالمه البسيط الى جحيم عالمهم الوسخ المليئ بالمؤامرات والدسائس والحروب وادخلوه فی لعبتهم الشيطانية وخدعوه بشعاراتهم الزائفة وافكارهم القذرة تارة باسم الدين وتارة باسم الشيوعية واخرى باسم الديمقراطية والفدرالية والبرلمان و..الخ .
صراع طويل
استعمله العثمانیون السنة والفرس الشيعة ضد بعضهم البعض على مدى عصور وادخلوه في صراع طويل ومرير لا ناقة له فيه ولا جمل ، دارت بينهما حرب فاصلة سميت ب» جالديران 1514» وبموجبها قسموا بلاده الى شطرين واخذ كل واحد منهما جزء مقسوم بالعدل الشيطاني ومن ضمنهم كردستان «بلاد الكرد» وهو اول تقسيم دولي استعماري لها قبل ان يأتي الاوروبيون ليعيدوا تقسيمها من جديد الى اربع اقسام واعطاء كل قسم لدولة في المنطقة لها عداء تاريخي عرقي ومذهبي مع الكرد ، كهدية مجانية..ومنذ ذلك اليوم وهو يعيش عيشة الكلاب تحت نير الدول الاستبدادية «تركيا وايران والعراق وسوريا» ويخضع لخطة جهنمية طويلة المدى لاستعباده وحرمانه من الوجود الطبيعي كباقي خلق الله ، وهو في محاولة دائمة ومستمرة لاسترجاع آدميته الضائعة وتشكيل دولته المستقلة ، وآخرهذه المحاولات جرت في سبتمبر من عام 2017 في عملية استفتاء جماهيري صوت فيها الشعب الكردي بالاجماع 92% من الاصوات على الاستقلال ولكنه اصطدم برفض اقليمي ودولي واسع وجوبه بقوة وحشية لانظير لها و.. اجبر على العودة الى سجنه الابدي مرة اخرى ليستمر فيه معاناته وعذاباته الى اجل آخر ومحاولة اخرى قد تتوج بالنجاح ويتحرر من ربقة قيود العبودية الى الابد ويشكل دولته المستقلة في اطار خطة جديدة لاعادة صياغة خارطة العالم لتحل محل خارطة اتفاقية سايكس بيكو (1916) المشؤومة..
ورغم المتغييرات الديموغرافية والجيوسياسية الواسعة التي اعقبت الحربين العالميتين الاولى والثانية لم تطرأ على خارطة العالم اي تغيير ولم يجد الكرد لهم اي موطيء قدم وظلوا على الهامش لغاية غزو العراق للكويت(1990) وقيامهم بالهجرة المليونية التي حركت ضمير العالم لاول مرة وهزت المؤسسات الانسانية والاممية ودفعت بمجلس الامن في 26 اكتوبر(1991) قراره التاريخي 688 القاضي بانشاء مناطق حظر الطيران العراقية من اجل حماية الشعب الكردي من بطش النظام الصدامي وفي عام 1992 اعلن الشعب الكردي عن اقليمهم الخاص الشبه المستقل عن بغداد ، هذا الاقليم الصغير الذي لملم الكرد واعاد بعضا من اعتبارهم الضائع ، تسعى الاحزاب الشيعية وميليشياتها الان الى تقويضه وتدميره عبر تفريغه من محتواه الدستوري وتفكيكه من خلال فرض سياسة التجويع القاسية عليه تمهيدا لاعادته الى الحكم المركزي الحديدي ، ورغم العقوبات الصارمة فان اربيل مازالت ترفض اسلوب الهيمنة والخضوع لاملااتها الطاائفية وتحتفظ باستقلاليتها النسبية وكيانها الدستوري القائم ، رغم تأثرها بهذه العقوبات تأثرا كبيرا وتأذت بها ، فانها لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية السياسية مع بغداد وابقت معها على شعرة معاوية في محاولة للتوصل الى صيغة تفاهم «وطنية»مشتركة الى آخر لحظة! كلما مارست بغداد القمع والتجويع ضد اقليم كردستان وقطع رواتب موظفيه ، فانه يحاول ان يمتص غضبه ويمد يده للمصافحة وفتح صفحة جديدة.. بغداد ترسل صواريخها ودروناتها لقصف مطار اربيل وتعطيل حركاتها الجوية ، فان الاقليم يرسل رئيسه «نيجيرفان بارزاني» الى بغداد ليقدم عرضا جديدا للسلام والوئام وترسيخ روح الاخوة والعيش المشترك بين العراقيين.. بغداد تستغل كل المناسبات الدينية والوطنية لبث الكراهية والعداء ضد الكرد والمكونات الاخرى بينما ينتهز اقليم «نيجيرفان» فرصة المناسبات ليخاطب الزعماء العراقيين للتهدئة ويدعوهم الى ارساء السلام والاستقرار في العراق «لنجعل ذكرى واقعة عاشوراء الاليم حافزا لمحو فكر وثقافة العنف والتطرف ونبذ الخلافات والهاما لتوطيد اواصر المحبة ومباديء التسامح والتعايش بين اطياف الشعب لارساء الاستقرار والسلام في بلدنا..